العدد 1661 /30-4-2025
بسام غنوم
عاد الوضع الأمني في لبنان ليأخذ واجهة
الإهتمامات السياسية والأمنية مع تمادي العدو الاسرائيلي في اعتداءاته على لبنان ،
وكان آخرها استهداف (هنغار) يستخدمه حزب
الله في أعمال اجتماعية وانسانية في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الأحد الماضي،
وقد أدت الغارة التي دمرت (الهنغار) الى أثارت تساؤلات حول أسباب قيام العدو الاسرائيلي بهذه
الغارة المفاجئة على ضاحية بيروت الجنوبية ، رغم عدم وجود سبب مباشر أو غير مباشر
، لذلك مثل قيام البعض باستهداف المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة ، وهذا الأمر
يؤكد الطبيعة العدوانية لإسرائيل التي لا تحتاج الى ذريعة مباشرة أو غير مباشرة
للعدوان على لبنان واللبنانيين في مختلف المناطق اللبنانية.
في المواقف من هذا العدوان على الضاحية
الجنوبية لبيروت أدان رئيس الجمهورية
العماد جوزاف عون الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية وقال: «إنّ الاعتداءات
الإسرائيلية المستمرة على سيادة لبنان وسلامة أراضيه مرفوضة تحت أي ذريعة. على الولايات
المتحدة وفرنسا، كضامنين لتفاهم وقف الأعمال العدائية، أن يتحمّلا مسؤولياتهم
ويُجبرا إسرائيل على التوقف فوراً ».
وبدوره رئيس
الحكومة نواف سلام، دان مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على لبنان وترويع الآمنين في
منازلهم، واكّد أنّ «لبنان يلتزم
ببنود القرار 1701كاملاً وباتفاق
الترتيبات الأمنية، وانّ الجيش اللبناني يواصل عمله ويوسع انتشاره في الجنوب كما
في سائر الأراضي اللبنانية لبسط سلطة الدولة، وحصر السلاح بيدها وحدها».
وتعكس هذه المواقف الرسمية التي اصبحت مملة
ومكررة بعد كل اعتداء تقوم به اسرائيل على لبنان واللبنانيين منذ الاعلان عن وقف
إطلاق النار في الـ27من شهر تشرين ثاني2024، والتزام
الدولة اللبنانية بالقرار 1701 ، حالة الضعف والارباك التي تسود الموقف الرسمي اللبناني من العدوان
الاسرائيلي على لبنان ، حيث يكتفي المسؤولون اللبنانيون فقط بإدانة هذه الاعتداءات
، ويطالبون أميركا وفرنسا بالضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان ، وفي نفس
الوقت يعملون بقوة على نزع سلاح المقاومة في الجنوب ويلاحقون كل من تسول له نفسه
بالرد على الإعتداءات الاسرائيلية بحجة حماية الأمن والاستقرار في لبنان اولا ،
والالتزام بالقرار 1701والمطالب
الأميركية ثانيا.
لكن بعد استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت
وترويع السكان الآمنين فيها من قبل العدو الصهيوني بدون اي مبرر معلن ، على الدولة
اللبنانية رئاسة وحكومة أن يكون لها موقف آخر من الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان
واللبنانيين ، فلا تكتفي فقط بالاعلان عن الادانة ، والطلب الى أميركا وفرنسا
بالضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على لبنان ، بل يجب ان يكون لها موقف مختلف مثل
قيام الجيش اللبناني بالرد على هذه الاعتداءات ، وفي حال قيام الجيش اللبناني بذلك
سوف يتحقق للبنان أمرين الأول : قيام الجيش اللبناني بدوره الطبيعي في الدفاع عن لبنان
واللبنانيين ضد كل اعتداء أجنبي ، والثاني : التأكيد للمجتمع
الدولي على جدية الدولة في حصر السلاح بيد السلطة الشرعية ، وفي نفس الوقت على
رفضها المس بسيادة لبنان تحت اي ذريعة من الذرائع التي يستخدمها العدو الاسرائيلي
من أجل الاستمرار بعدوانه المتمادي على لبنان.
قد يقول البعض أن هذا الأمر سوف يكلف الدولة
اللبنانية كثيرا على الصعيد السياسي خصوصا في ظل الرعاية الأميركية والغربية
لاسرائيل ، لكنه في الوقت نفسه سوف يظهر للعالم ان لبنان الرسمي الذي أعلن التزامه
بالقرار 1701، بسحب السلاح
من جنوب نهر الليطاني لن يقبل تمادي اسرائيل بعدوانها على لبنان ، والأهم من ذلك
كله هو تأكيد التزام الدولة امام اللبنانيين جميعا بالدفاع عنهم ضد الاعتداءات
الاسرائيلية على لبنان ، والا فإن استمرار اسرائيل في سياسة الاعتداءات
والاغتيالات اليومية ، وغض الطرف من قبل الدولة على ذلك والاكتفاء بالاعلان عن
الادانة ، فإنه سيؤدي لاحقا الى بروز تيار معارض لسياسة الدولة الحالية ، ويرفض
القرار 1701وسحب السلاح من
ايدي المقاومين ، والى الدخول في صراعات داخلية كبيرة لبنان واللبنانيين بغنى عنها
، وما تشهده الساحة اللبنانية حاليا من خلاف سياسي داخلي حول نزع سلاح المقاومة
دليل على ذلك.
بالخلاصة اكتفاء الدولة بسياسة النعامة بوضع
الرأس في التراب ، لن تجدي مع اسرائيل ، وعلى الحكومة اللبنانية التي تمثل كل
اللبنانيين أن تبادر إلى اتخاذ مواقف رسمية وأمنية جدية تجاه الاعتداءات
الاسرائيلية على لبنان ، وإلا فإن لبنان سيصبح في وضع يشبه وضع السلطة الفلسطينية
في رام الله التي هي مجرد اداة لخدمة أمن اسرائيل.
بسام غنوم