العدد 1391 / 18-12-2019
بعد الضغوط
القاسية التي تعرض لها خلال الشهرين الماضيين ، عمد التيار الوطني الحر الى قلب
الطاولة وتغيير تكتيكاته السياسية ، من خلال اعلان رئيس "التيار الوطني
الحر" وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل في مؤتمر
صحافي عقده بعد اجتماع استثنائي ل"تكتل لبنان القوي" في المقر العام
للتيار في ميرنا الشالوحي، "عدم مشاركة التيار والتكتل في الحكومة إذا أصر
الرئيس سعد الحريري على استبعاد باسيل من الحكومة ، وفي حال أصر حزب الله وأمل على
مقاربتهما بمواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري".
وقد ادى موقف
التيار الوطني الحر ، اضافة الى قرار القوات اللبنانية عدم تسمية الحريري الى
تأجيل موعد الاستشارات واندلاع سجالات عديدة بين تيار المستقبل وقصر بعبدا والتيار
الوطني الحر والقوات اللبنانية، واحتمال رفض الحريري القبول بالتكليف.
فما هي اهداف
التيار الوطني من وراء تغيير التكتيكات السياسية ؟ والى اين يتجه التيار في
المرحلة المقبلة؟ وهل سينجح التيار في استعادة زمام المبادرة؟
اهداف التيار
لقد كان واضحا
خلال الشهرين الماضيين ان الحراك الشعبي وجّه اكبر الانتقادات للتيار الوطني الحر
ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل ، وكانت معظم المطالب الشعبية والسياسية تؤكد على اخراج باسيل من اية حكومة جديدة،
وبالمقابل حاول التيار الدفاع عن دوره وتجربته الحكومية ، وعمد لطرح حكومة من دون الرئيس سعد الحريري
اذا كان باسيل سيكون خارجها ، وعندما وجد التيار ان الاوضاع تتجه نحو تشكيل حكومة
برئاسة الرئيس سعد الحريري وتستثني الوزير باسيل ، اتخذ التيار القرار بالخروج من
الحكومة كلية والدعوة الى تشكيل حكومة اختصاصيين بدون الحريري.
وكشف باسيل خلال
المؤتمر الصحافي الذي عقده لاعلان الموقف أنه
تم "إبلاغ الشركاء بهذا الموقف"، وقال: "بعد ذلك، قلنا علنا إننا
سنقلب الطاولة، بمعنى أننا سنخرج من الحكومة كي نعود الى المعارضة والناس".
واوضح باسيل : "إذا
اصر الرئيس الحريري على "أنا أو لا أحد"، وأصر حزب الله وجركة أمل على
مقاربتهما في مواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، فإن
التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي - مع ترك الحرية لمن يريد من الحلفاء - غير
مهتمين بالمشاركة في حكومة كهذه، لأن مصيرها الفشل حتما، لكن من دون التهرب من
المسؤولية، التي لن تكون مفروضة عليهما، لانهما لن يسمحا بضرب الميثاقية وتخطي
التمثيل الفعلي، على أن يعطيا مقاعدهما للحراك او لأشخاص جديرين بالثقة إذا ما
رغبوا".
وتابع:
"إن التيار والتكتل لن يحرضا، لكنهما سيقومان بمعارضة وممانعة بناءة للسياسات
المالية والاقتصادية القائمة. وكذلك، بمقاومة منظومة الفساد القائمة منذ ثلاثين
سنة، والتي يريد البعض الاستمرار فيها من خلال استنساخ الحكومة نفسها".
هذه المواقف
تهدف لاعادة الاعتبار لدور التيار وموقعه السياسي والشعبي في مواجهة الحملات التي
تعرض لها خلال الشهرين الماضيين.
الى اين يتجه
التيار في المرحلة المقبلة
لكن الى اين
ستؤدي مواقف التيار الجديدة وهل ستقطع الطريق امام عودة الحريري الى الحكومة
وتشكيل حكومة اختصاصيين؟
لقد ادت مواقف
التيار الوطني الحر ، اضافة لموقف القوات اللبنانية بعد تسمية الرئيس سعد الحريري
الى حصول ازمة سياسية جديدة مما ادى الى تأجيل الاستشارات النيابية والعودة لطرح
اسماء جديدة لرئاسة الحكومة ، وهكذا يكون الوزير باسيل قد نجح في رمي الكرة الى
ملعب الاخرين وقطع الطريق امام تشكيل حكومة برئاسة الحريري ولا تضمه شخصيا.
ورغم ان باسيل
حاول من خلال مواقفه اعادة الاعتبار لدوره السياسي والشعبي ، فان ما طرحه من مواقف
كشف حجم الازمة السياسية التي يواجهها البلد وعدم وجود رؤية موحدة عند جميع
الاطراف وحتى بين التيار الوطني الحر وحلفائه ( حزب الله وحركة امل ) .
وبانتظار حسم
قرار التكليف وتحديد الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة ( سواء عبر عودة سعد
الحريري او تكليف شخصية اخرى) فان ما قام به التيار الوطني الحر وما اعلنه من
مواقف قد يكون حقق للتيار نجاحا تكتيكيا برفض تحمل مسؤولية الانهيار لوحده ، لكن
ذلك لا يلغي ان التيار وسياساته قد ساهما في الازمة القائمة اليوم ، وان المطلوب
هو اجراء مراجعة شاملة حول كل السياسات التي اعتمدت في السنوات الماضية، والمهم
اليوم هو انقاذ البلد من الازمة القائمة ومنع الانهيار الاقتصادي والمالي والسياسي
، والا سنكون امام ازمة كبرى ستكون لها نتائج كارثية على الجميع دون استثناء، ولن
يبقى بعدها اي فريق قادر على استعادة زمام المبادرة.
قاسم
قصير