العدد 1690 /19-11-2025
قاسم قصير
تزايدت في
الاسابيع الاخيرة الحملة الاميركية من اجل فرض حصار مالي واقتصادي على حزب الله
وبيئته وخصوصا خلال الزيارة التي قام بها وفد وزارة الخزانة الاميركية الى لبنان
والتي طالب خلالها ، حسب العديد من المصادر السياسية والاعلامية ، باغلاق مؤسسة
القرض الحسن واتخاذ اجراءات مالية لمنع تدفق الاموال الى مؤسسات الحزب وبيئته
وخصوصا من ايران ، واشار وفد الخزانة الى وصول حوالي مليار دولار الى الحزب خلال
العام الحالي منذ اعلان اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني ، وان
هذه الاموال صرفت على عمليات الترميم واعادة البناء والايواء والمؤسسات التي تقدم
خدمات للناس.
والخطورة
في الحملة الاميركية الجديدة ان المؤسسات اللبنانية الرسمية عمدت الى التجاوب
السريع مع المطالب الاميركية وذلك من خلال التعميم الذي اصدره وزير العدل ميشال
نصار الى كتاب العدل لمنع اجراء عقود بيع وشراء لمن تطالهم العقوبات الاميركية ،
اضافة الى سلسلة التعاميم التي اصدرها حاكم مصرف لبنان كريم سعيد لمنع التعامل مع
مؤسسة القرض الحسن والمؤسسات التي لها علاقة بحزب الله وبيئته والتي تساهم بادخال
الاموال الى لبنان .
والحملة
الاميركية واللبنانية على مؤسسة القرض الحسن والمؤسسات التي تساهم بادخال الاموال
للحزب وبئيته هي استكمال للحرب العسكرية والامنية التي شنها العدو الاسرائيلي خلال
العدوان الاخير وحتى اليوم والتي استهدفت مراكز مؤسسة القرض الحسن في كل المناطق
اللبنانية وتدميرها وكذلك الاستهداف المتواصل للمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية
ولكل المؤسسات التي لها علاقة بالاعمار والبناء.
وترافقت
كل هذه الحملات مع سلسلة اجراءات اتخذتها بعض مؤسسات تحويل الاموال ضد الجمعيات
التي تقدم خدمات انسانية واجتماعية لابناء القرى الحدودية ، اضافة لقيام المؤسسات
الامنية اللبنانية باتخاذ اجراءات متشددة على المطار لمنع ادخال اية مبالغ
للمؤسسات الدينية والاجتماعية ومصادرة هذه الاموال كما حصل مع بعض المبالغ التي
كانت مخصصة للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى كي يوزعها على الجمعيات الاجتماعية.
نحن اذن
امام حرب جديدة من اجل تجفيف كل مصادر الدعم والتمويل لحزب الله وبيئته ولمنع وصول
اموال لاعادة الاعمار ومنع تقديم اية مساعدات اجتماعية او مالية من قبل الجمعيات
الاجتماعية وحصر ذلك فقط من قبل الجهات الرسمية ووزارة الشؤون الاجتماعية ، وكان
من اللافت ان المبعوثة الاميركية مورغان اورتوغاس حرصت في اخر زيارة لها الى لبنان
على اللقاء مع وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة حنين السيد للاطلاع على ما تقدمه
من مساعدات اجتماعية ومعرفة الية عمل المؤسسات التابعة لحزب الله وما يقدمه الحزب
من مساعدات وامكانية الحلول محله حسبما نشرت العديد من التقارير الاعلامية.
نحن اذن
امام حرب جديدة ومتصاعدة ، لانه منذ سنوات عديدة تشن اميركا واسرائيل حربا على كل
المؤسسات التي تعنى بتحويل الاموال او وضع اسماء شخصيات لبنانية وايرانية وعربية
تعنى بدعم الحزب وبيئته على لوائح الارهاب او اعتقالها او حتى اغتيالها كما جرى مع
احد اصحاب الشركات المالية الاستاذ محمد سرور والذي تم استدراجه الى فيلا في
برمانا في جبل لبنان قبل حوالي العام وقتله من قبل الموساد الاسرائيلي وتهمته
تحويل الاموال الى ابناء قطاع غزة .
لكن هل
ستنجح هذه الحرب الاقتصادية والمالية على الحزب وبيئته ؟
ليست
المرة الاولى التي تشن هذه الحرب وسبق ان عمد الاميركيون على وضع بنوك واصحاب بنوك
وشركات متعددة على لوائح الارهاب مما ادى لاقفالها وتشريد موظفيها وتعرض
المستفيدين منها لاضرار كبيرة ، كما ان
العقوبات على ايران مستمرة منذ اكثر من اربعين سنة ، لكن هذه الحروب لم تمنع من
تطور المقاومة وبيئتها وقيام عشرات المؤسسات الاجتماعية والصحية والتربوية والتنموية
.
هذا وجه
جديد من وجوه الحرب العسكرية والامنية ولن يحقق اهدافه بانهاء المقاومة او اضعاف
بيئتها ، لكن الخطورة مشاركة مؤسسات لبنانية رسمية في هذه الحرب مما قد يكون له انعكاسات
خطيرة على الوضع اللبناني الداخلي كما حذر الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في
اخر خطاب له وقد يكون السبب في حصول
اضطرابات امنية واجتماعية داخلية وهذا ليس لصالح لبنان واللبنانيين .
قاسم قصير