العدد 1424 / 12-8-2020
بقلم: ياسين أقطاي
اهتزت بيروت مساء يوم الثلاثاء على وقع أحد أعنف
الانفجارات في تاريخ البلاد، الذي وقع في مرفأ بيروت المعروف بكونه من بين أكثر المرافئ
نشاطا ومن النقاط الحيوية في الاقتصاد اللبناني، لتتحول المدينة إلى ما يشبه ساحة حرب.
حسب
التقييمات التي أجريت حتى الآن، لقي قرابة 200 شخص حتفهم بينما جرح أكثر من خمسة آلاف،
إلى جانب تشريد مئات الآلاف.
لا تزال فرضية تسبب هجوم في هذا الانفجار مطروحة
بين عدة فرضيات أخرى، ولكن لا توجد أي أدلة تؤكدها. ولكن المؤكد أن 2750 طن من مادة
نترات الأمونيوم، المخزنة في مستودعات الميناء منذ العام 2014، هي أهم عامل تسبب في
هذا الانفجار الهائل.
مهما كانت الافتراضات، فإن الخطأ الجسيم الذي
يبحث اللبنانيون عن مرتكبيه حاليا، هو ترك تلك المواد الخطرة في هذا المكان الحساس
من المدينة، الذي يمثل شريان الحياة لبيروت وكامل لبنان.
وبما أنه من غير الوارد أن تشتعل مادة نترات
الأمونيوم من تلقاء نفسها، فإن ذلك يعني أن الانفجار كان نتيجة حادث سببه خطأ ارتكبه
أحد العاملين في المستودع، أو أنه هجوم خارجي. وإذا كان الانفجار سببه هجوم، فمن غير
الممكن البحث عن فاعل آخر غير إسرائيل، المشتبه بها في كل مرة.
مهما كانت الافتراضات، فإن الخطأ الجسيم الذي
يبحث اللبنانيون عن مرتكبيه حاليا، هو ترك تلك المواد الخطرة في هذا المكان الحساس
من المدينة، الذي يمثل شريان الحياة لبيروت وكامل لبنان.
قيل الكثير حول هذه المأساة، وحتى إذا تبين أن
هذا الانفجار هو نتيحة هجوم خارجي نفذته إسرائيل، فإنه سيبقى من غير المعقول التسامح
مع قرار ترك هذه المواد في المرفأ كل هذه السنوات.
لا مفر من أن تتجه كل الأنظار إلى حزب الله نظرا
لأن إدارة المرفأ تقع تحت تصرفه، وترك هذه المواد التي تعرف إسرائيل بوجودها منذ وقت
طويل خطأ يتحمل عواقبه الحزب. لذلك من المؤكد أن محاسبة المسؤولين ستكون ذات أبعاد
سياسية، الأمر الذي سوف يخلف الكثير من التوترات.
نحن ندخل الآن فترة يجب فيها على كل الأطراف
أن تتوخى الحذر حتى لا تقود التوترات إلى نتائج أكثر سوء على لبنان، في ظل التعدد الطائفي
الذي حقق توازنا هشا بين مختلف مكوناته.
من الواضح أن نظام الحكم في لبنان القائم على
التوازنات السياسية التي ظهرت بعد الحرب الأهلية، هي التي قادت البلاد إلى هذا الوضع.
يحكم لبنان اليوم نظام المحاصصة السياسية المبني على الطوائف الدينية – الذي طبق في
العراق أيضا – وهو ما يعرقل بشكل كبير جهود إرساء نظام ديمقراطي أكثر انفتاحا مبني
على المساواة والمواطنة، من أجل التصرف في موارد البلاد بشكل أكثر فعالية ومحاسبة المسؤولين.
سارعت المنظمات والجمعيات الإنسانية في تركيا
منذ اللحظات الأولى لورود أخبار هذا الانفجار، بتقديم المساعدة بشكل فوري للشعب اللبناني.
وقد وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسالة إلى نظيره اللبناني ميشال عون عبّر فيها
عن تضامنه، كما وصلت طائرتا شحن تركيتين محملتين بالمساعدات في صبيحة اليوم الموالي.
لطالما عُرف عن تركيا استعدادها الفائق لمجابهة
الكوارث الطبيعية والاجتماعية، وقد أظهرت حرفية عالية مقارنة بباقي دول العالم في التعامل
مع المشكلة التي خلقها تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين كما تعاملت بنفس الحرفية مع الزلزال
الذي ضرب الأراضي التركية، حيث كان تدخلها سريعا وفعالا في عمليات الإنقاذ والمساعدة،
وهو ما أكسب المؤسسات التركية خبرة كبيرة. واليوم أيضا كانت فرق المساعدة التركية أول
الواصلين إلى لبنان، وهو ما يعكس مدى عمق العلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين.