العدد 1661 /30-4-2025
حسان القطب

التصويت بكثافة وجدية، وبحرصٍ وعناية، وحسن الاختيار، وصوابية القرار، أمور ضرورية، لا بد منها، كخطوة اساسية لرفع الوصاية والهيمنة، التي يحاول البعض ان يمارسها على الجسم البلدي في مختلف المناطق اللبنانية وخاصةً العاصمة بيروت، إذ من غير المقبول ان يستمر البعض في الحوار حول المحاصصة، والتقاسم، والتسمية الانتقائية، ومراضاة اجسام سياسية فاقدة للحضور الوطني، او الاحساس بمعاناة الوطن والمواطن، ووجع المدينة وادراك حاجاتها، وضرورات نهضتها..

البلدية، كيان اداري، معنوي، كامل الصلاحية، والحضور، وممكن القول ان البلدية هي حكومة مصغرة، تمارس صلاحيات واسعة لادارة شؤون المدينة او القرية، والفشل يتحمله الناخب الذي رضخ للمحاصصة، والتسويات، وتبادل الخدمات والاصوات بين القوى السياسية، التي تعاقبت على تدمير المؤسسات، وافقار الوطن والمواطن، والانخراط في تسويات على حساب مصالح المواطنين، واختيار الاشخاص الذين لا يملكون خبرة او كفاءة لادارة شؤون المواطنين، ليبقى الجسم البلدي تحت الوصاية، وفي خدمة الزعامات التي اختبرنا سياساتها وممارساتها ليس على مستوى البلديات فقط بل على مساحة الوطن، وما وصلنا اليه من انهيار مالي واقتصادي، وفلتان امني مع انفلات السلاح غير الشرعي الذي يستخدم للتهديد والحصول على مكاسب سياسية وادارية وفرض اعضاء في ادارات مختلفة، وخاصة البلدية منها، والاعتداء على الاملاك العامة والخاصة وحماية السرقات والالتزامات وتهديد الامن والاستقرار..

اين هي احراج بيروت، اين صنوبر بيروت، كلها اصبحت مناطق سكنية عشوائية، فوضوية، ومحميات مسلحة برعاية من تنظيمات مسلحة، ادخلت لبنان ومدينة بيروت وسائر المناطق اللبنانية في غياهب الجهل والتجهيل، وشعارات الاستفزاز وحروب الآخرين والمحاور الاقليمية على الاراضي اللبنانية..

الانتخابات البلدية، هي مقدمة ليثبت الناخب اللبناني الحر، انه يملك قرار التغيير، ورفض الامر الواقع واختيار اصحاب الكفاءة والقدرة على رفع الصوت، وتصويب المسار ومحاربة الفساد، ومكافحة آفة الاستزلام التي زرعها اصحاب الحقائب المالية المستوردة، والمشاريع السياسية المبتذلة..

الامنخابات البلدية، مناسبة حقيقية للعمل على التمييز بين من هو المواطن، الذي يحمل هموم الوطن والمواطنينن وبين من هو متكسب يسعى لخدمة مصالحه ورغبات من اختاره للعمل البلدي.. وللتعبير ايضاً عن رفض المحاصصات وفرض الشروط، وادخال اجسام مريضة وغريبة الى الجسم البلدي، ممن نقل اسمه الى مدينة او قرية للعب على التغيير الديموغرافي لا أكثر للانخراط في ادارات المدينة ونسيجها الاجتماعي والاداري، دون ان تربطه بهذه المدينة او تلك، وخاصةً بيروت، اية روابط اجتماعية او حتى انسانية..

نسمع ان هذا الفريق او ذاك يريد ثلاثة اعضاء واخر يريد عضوين وربما بعضهم اكثر، وعن مناصفة ومثالثة، ومرابعة.. ولكن ما يغيب عن المشهد، هو الحس الوطني، وحس الانتماء.. والحس المسؤول، الذي يجب ان يميز هذا الشخص عن ذاك وهذا المرشح عن الآخرين..

مدننا وقرانا، ليست بحاجة لتزكية ومناصفة ومقاسمة، بحاجة لرجال يحبون الوطن، والعمل العام، ويقدمون المطلوب والضروري، للنهوض، ويسعون لانجاز ما تم انتخابهم من اجله..!!

وكذلك لديهم الجرأة والاقدام والشجاعة على تسمية كل من يعرقل، ويعطل، ويسعى لتخريب العمل البلدي، ونهضة المجتمع اللبناني.. وعلى الرغبة في محاربة الفساد في التوظيف والادارة، والاشارة بوضوح الى كل من يعرقل انجاز المشاريع او يؤخر اتمامها، او تأخير انجازها.. او عدم تنفيذها بحسب الشروط المطلوبة التي تنص عليها عقود الالتزامات..

اذا نجحنا في في الانتخابات البلدية في اختيار اصحاب الكفاءة والنزاهة واخرجنا قوى الفساد السياسي من نادي المحاصصة والتسويات على حساب مجتمعنا ومصالح جمهورنا.. نستطيع حينها ان نطلق رسالة واضحة بان الانتخابات النيابية المقبلة ستكون على شاكلة الانتخابات البلدية ان التغيير الحقيقي قادم من الداخل اللبناني، وليس عبر الوسطاء الاقليميين والدوليين..

وان المصلحة الوطنية والنهوض بالوطن هو مسؤوليتنا نحن، المجتمع المدني، الذي يدفع ثمن الحروب والفساد والانهيار والفوضى والانعزال والعزل، والشعارات التي تزيد من عمق الانقسام الداخلي عامودياً وافقياً وفي كل الاتجاهات..

الانكفاء عن التصويت، يعتبر رسالة ايجابية للفساد والسلاح المنفلت والفوضى المنظمة، وفرض الشروط، والتلاعب بالتغيير الديموغرافي المنهجي الذي يمارس على اعلى المستويات..

الانكفاء يؤسس لتغييب المكون الاساسي في كل مدينة وقرية، ويفتحخ الباب واسعاً امام قوى البغي والتسلط والاستقواء والاستعلاء، على ممارسة المزيد من سياسة الهيمنة والتدمير السياسي والامني والمالي وحماية الفاسدين والمفسدين تحت عناوين سياسية ودينية..

يجب ان نتوجه للتصويت ونحن نختار من يحمي الوطن والمجتمع ويرفض الخنوع والخضوع.. والاستسلام والاستزلام...

حسان القطب