قاسم قصير
كان للأحزاب الوطنية والقومية والعلمانية في لبنان دور مهم في الحياة السياسية والشعبية اللبنانية طوال عشرات السنين الماضية، لكن دور هذه الأحزاب تراجع بعد الحرب الأهلية واتفاق الطائف، وفي ظل بروز الاحزاب الطائفية وانتعاش الانتماءات المذهبية. فكيف تتوزع خريطة هذه الأحزاب اليوم في ظل الدخول في أجواء الانتخابات النيابية؟ وهل ستنجح هذه الأحزاب في اعادة تأكيد حضورها السياسي والشعبي والنيابي بعد تراجع هذا الدور في السنوات الأخيرة؟
خريطة توزع الأحزاب
بداية، كيف تتوزع خريطة الأحزاب القومية والوطنية والعلمانية اليوم؟
يمكن تقسيم هذه الأحزاب إلى عدة مجموعات: الأحزاب اليسارية والشيوعية، الأحزاب القومية والناصرية، والأحزاب العلمانية غير الطائفية.
أولاً: الأحزاب اليسارية والشيوعية ومن أبرزها الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحركة اليسار الديمقرطي والحزب الديمقراطي الشعبي والمجموعات المنشقة عن الحزب الشيوعي، ولقد تراجع دور هذه الأحزاب كثيراً في السنوات الأخيرة، وإن كان الحزب الشيوعي قد حافظ على حضوره الشعبي، لكنه لم ينجح في دخول المجلس النيابي، أما حركة اليسار الديمقرطي فقد اوصلت نائبين من خلال تحالفها مع قوى 14 آذار في الانتخابات الماضية.
ثانياً: الأحزاب القومية والناصرية، ومنها تجمع اللجان والروابط الشعبية والتنظيم الشعبي الناصري وحزب الاتحاد وحركة الشعب وحزب البعث السوري وحزب البعث العراقي، الذي ينشط حالياً باسم حزب الطليعة، والمؤتمر الشعبي اللبناني وحركة المرابطون، ومجموعات وأحزاب قومية وناصرية صغيرة، وقد نجحت هذه الأحزاب في ايصال عدد من النواب الى البرلمان اللبناني بفضل قوتها الشعبية أو من خلال التحالف مع حزب الله وحركة أمل، وهي ستحاول اليوم اعادة اثبات حضورها السياسي والشعبي عبر تشكيل تحالفات جديدة.
ثالثاً: الأحزاب العلمانية وغير الطائفية، ومنها الحزب القومي السوري الاجتماعي، الذي لعب دوراً بارزاً في الحياة السياسية اللبنانية، لكن دوره تراجع نسبياً مع احتفاظه بحضور مهم في بعض المناطق، وحركة التجدد الديمقراطي التي كانت منضوية ضمن قوى 14 آذار لكنها استقلت عنها، وبرز مؤخراً «حزب سبعة» وهو ذو طابع شبابي.
ولم نتحدث عن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أصبحت له خصوصية معينة. وهناك أحزاب أخرى كانت علمانية وناشطة، لكنها لم تعد فاعلة حالياً، وان كانت مجموعات الحراك المدني تحاول اعادة تنظيم صفوفها حالياً من أجل تفعيل دورها السياسي والانتخابي، كما ان هناك مجموعات شبابية وأحزاب بيئية ومدنية تحاول اثبات حضورها السياسي والشعبي.
أي دور انتخابي اليوم؟
لكن أي دور يمكن ان تلعبه هذه الاحزاب والقوى في الانتخابات النيابية المقبلة؟ وهل ستنجح في اعادة تأكيد حضورها السياسي والشعبي؟
شكّل اعتماد النسبية والصوت التفضيلي في قانون الانتخابات الجديد فرصة ايجابية لهذه الأحزاب والقوى من أجل إعادة تظهير دورها السياسي والشعبي في العديد من الدوائر، لكن تقسيم الدوائر الاستنسابي وعدم اعتماد الدوائر الكبرى أو المتوسطة قد يكون عائقاً أمام هذه الأحزاب في إبراز قوتها الشعبية.
وقد عمدت معظم هذه الأحزاب والقوى والمجموعات الى البدء بالاتصالات واللقاءات لتشكيل لوائح موحدة في معظم الدوائر، فمجموعات المجتمع المدني اتفقت على خوض الانتخابات في لوائح مشتركة ضمن شعار موحد وإن لم تُعلَن أسماء المرشحين حتى الآن، ويجري الاتفاق على آلية خوض الانتخابات.
وأما القوى المدنية واليسارية والديمقراطية والعلمانية وبعض مجموعات المجتمع المدني فقد عقدت لقاء موسعاً في الاسبوع الماضي على مسرح المدينة في شارع الحمرا تحت عنوان: مبادرة اللقاء الوطني حول الانتخابات النيابية، وذلك بهدف التعاون والتنسيق لخوض الانتخابات، ومن ابرز المشاركين في اللقاء الرئيس حسين الحسيني والحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي وحركة الشعب وحركة مواطنون ونحو 160 شخصية سياسية ونقابية وفنية واجتماعية. وكان التأكيد لضرورة خوض الانتخابات بشكل موحد والاتفاق على آلية للمتابعة.
وبالنسبة إلى الاحزاب والقوى الأخرى، وخصوصاً الحزب القومي السوري الاجتماعي وحزب الاتحاد والتنظيم الشعبي الناصري وحزب البعث السوري وبعض القوى الناصرية، فهي ستخوض الانتخابات بالتحالف مع حركة أمل أو حزب الله، وستتوزع على مختلف الدوائر، وهناك حظوظ كبيرة لبعض هذه الاحزاب والقوى بأن تستعيد حضورها النيابي والشعبي في الانتخابات المقبلة.
وتسعى حركة التجدد الديمقراطي إلى إبراز دورها المستقل عبر ترشيح نائب رئيسها الدكتور انطوان حداد ، وينشط حزب سبعة، وهو اطار جديد لتأكيد حضورها الشعبي، وقد انضمت اليه أخيراً الإعلامية بولا يعقوبيان.
اذن، ستشكل الانتخابات النيابية المقبلة فرصة مناسبة لهذه الاحزاب والقوى العلمانية والمدنية واليسارية والقومية والناصرية لتأكيد حضورها الشعبي والنيابي والسياسي، فهل ستنجح في ذلك؟ الجواب في صناديق الاقتراع في السادس من أيار المقبل.}