العدد 1470 /14-7-2021
محمد صالح المسفر
أستأذن الأستاذ ناصر العمر،
أحد رموز الصحوة الإسلامية، في استخدام هذا العنوان الذي سبق أن استخدمه في مقالة له
مطولة عن حرب الغرب على العراق في تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية الثالثة. وما
يدفعني إلى استعارة هذا العنوان المعبّر، أن حال العرب الذي يعيشونه اليوم حالٌ تعجز
الكلمات العربية عن وصفه وتشخيصه، وفاق وصفه بالكارثة أو الجائحة. إنه حال ينذر بشرور
قادمة لا محالة، إذا بقي حالنا على ما هو عليه اليوم.
طاف مقالي الأسبوع الماضي
على حال العرب وما يحاك ضد الجزائر أم المليون شهيد وضد تونس أم الربيع العربي وضد
ليبيا أم عمر المختار. واليوم ألتفت إلى خليجنا العربي والتطورات المتلاحقة التي تنذر
بشرٍّ مستطير، سيحل علينا في قادم الأيام، ما لم تتضافر الجهود لاحتوائه، والتصدّي
له، بكل ما بيدنا من قوة ماديةٍ وروحية. وإن على أصحاب القلم والرأي من أهل الخليج
واجب وطني وديني وقومي وأخلاقي، تثقيف الأمة في الخليج، وفي مقدمتها الحكام المندفعون
نحو إسرائيل، بعواقب ذلك الاندفاع والتصدّي لكل الشرور القادمة، من دون مواربة أو وجل
من أي قوة أو سلطان. وإسرائيل هي أحد الشرور القادمة إلى الخليج العربي، فقد رمت بكل
ثقلها في التمكّن من البقاء فيه، ومن ثم التوسّع عبر الجزيرة العربية، ولا يجب أن ينتاب
الخوف كل من يتحدّث عن مخاطر هذا الاختراق الصهيوني الرهيب.
كتبت، في 2 فبراير/ شباط
2007، مقالة في صحيفة الشرق القطرية، نشرت أيضا بالتزامن في صحيفة القدس العربي، بعنوان
"ضيف ثقيل الدم معوج اللسان زار الدوحة وخرج بلا رجعة". كان ذلك إشارة إلى
زيارة رئيس حكومة إسرائيل الأسبق شمعون بيريس، بدعوة من برنامج تلفزيوني ليس حكوميا
"برنامج مناظرات الدوحة"، وتذاع تلك الحوارات على تلفزيون بي. بي. سي. البريطاني.
كانت مادة ذلك المقال انتقادا شديدا لاستضافة برنامج تلفزيوني في الدوحة أحد قادة الصهيونية
وإرهابيا مجرما. كتبت في المقال "لن نفرح بأن يحلّ بأرضنا القطرية صهيوني إرهابي،
أيا كان مركزه ومقامه. لن نكون سعداء في قطر أن تصافح يدُ أميرنا خائنا أو عدوا لأمتنا
العربية والإسلامية، لا نريد يد أميرنا الطاهرة، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أن تصافح
إرهابيا مجرما مثل شمعون بيريز، صاحب مجازر قانا وغيرها من المجازر التي ارتكبت ضد
أهلنا في فلسطين ولبنان ومصر وتونس وأماكن أخرى".
كان ذلك المقال في ظروف هجمةٍ
إعلاميةٍ على دولة قطر من بعض دول الجوار العربي، ومن دول جوار فلسطين المحتلة، متهمين
قطر بالتغريد خارج السرب، لأن علاقة كانت لها بإسرائيل، بموجب وفاق عربي وفلسطيني نتيجة
مؤتمر مدريد عام 1991، علما أن وفودا إسرائيلية حكومية زارت البحرين وعُمان للمشاركة
في مؤتمرات، طبقا لنتائج مؤتمر مدريد الذي شاركت فيه دول مجلس التعاون. وسابقا على
مقالي المذكور، عقد في الدوحة مؤتمر دولي شاركت فيه إسرائيل بوفد كبير، وقاطعته بعض
الدول العربية، منها البحرين والإمارات، احتجاجا على اشتراك إسرائيل في المؤتمر. وخرجت
صحيفة الوطن القطرية باستطلاع للرأي العام القطري عن علاقة إسرائيل بقطر، ونشرت نتائجه
في أربع صفحات، وكانت خلاصته "رفض الرأي العام القطري إقامة أي علاقة بإسرائيل
أو التقارب معها".
والمراد من إيراد هذه الوقائع
هنا أن أبين أن القيادة السياسية لقطر لم تتخذ أي إجراء ضد من احتج على مشاركة إسرائيل
في مؤتمر يعقد في الدوحة، فهل يستطيع أهل القلم وأصحاب الرأي الشرفاء في الدول الخليجية
المطبّعة مع إسرائيل إبداء رأيهم بدون نفاق في ما تفعله حكوماتهم من علاقات مع إسرائيل؟
نشرت وسائل إعلام عربية وأجنبية
في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1999، نقلا عن مصادر أمنية رسمية في البحرين، خبرا مؤدّاه
"إلقاء القبض على شخصية تحمل معها عملة مزورة بما يقدر بـ80 مليون دينار بحريني"،
وعرف ذلك الشخص بأنه ذو صلة وثيقة بوزير خارجية إسرائيل في حينه ديفيد ليفي. وتعرضت
دول مجموعة آسيان، في جنوب شرق آسيا، لأزمة اقتصادية خانقة عام 1997، كادت تعصف بكل
منجزات ما سميت في حينه "نمور آسيا". وراح الباحثون يجدّون في معرفة الأسباب.
واكتشف الباحثون أن أحد العوامل المهمة لهذه الكارثة الاقتصادية كان يدا صهيونية، امتدت
لتفسد أي إنجاز اقتصادي هناك، عبر رجل الأعمال سوروس، وهو هنغاري المولد أميركي الجنسية،
أطلق عليه التايلانديون مصطلح "مجرم الحرب الاقتصادية" الذي عبث بالاقتصادين
الماليزي والإندونيسي تحديدا، وكان وراء أزمة الجنيه الإسترليني عام 1992. ولعلنا نذكّر
بإفلاس مؤسسة بيدس (فلسطيني النشأة لبناني الجنسية) المالية، وبنك المشرق، في مطلع
سبعينيات القرن الماضي، ثم بنك الاعتماد والتجارة، إذ لا جدال في أن خلف تلك الأزمات
أيد صهيونية.
أعلنت الإمارات في وكالة الأنباء
الرسمية أنها ستمنح مائة ألف مبرمج من جميع الجنسيات، من دون استثناء، إقامات ذهبية
تتطور لتصل إلى إقامات دائمة، وأنها أصدرت جوازات سفر إماراتية للوافدين الأثرياء،
لتشجيع الاستثمار وتقوية الاقتصاد كما جاء في البيان. والسؤال الذي يجب إثارته: هل
يدرك أهلنا في الإمارات مخاطر ما يفعلون في المدى البعيد؟ أليست هناك عبرة من تجارب
الأمم ودراسة تاريخ السوابق التي حلت بسنغافورة التي فصلت عن ماليزيا، وسلمت للمهاجرين
الصينيين، وكذلك فيجي التي سيطر عليها المهاجرون الهنود، والذين يصل تعدادهم في البلاد
إلى 50% من السكان؟ هل يدرك أهلنا في الإمارات أن تعدادهم في الظروف الحالية لا يزيد
عن 6% من السكان؟
آخر القول: لا تأخذكم العزّة
بالإثم والمكابرة، فويل لكم من شرٍّ قد اقترب من فعل ما تعملون.