العدد 1355 / 27-3-2019
رغم ما يعانيه المعتقلون بسجون النظام في مصر؛ إلا أن هناك
معاناة أشد وأنكى تطال على وجه الخصوص قيادات ثورية ثلاثا كانت لها مواقف معروفة
من الحكم العسكري قبل الانقلاب على أول تجربة ديمقراطية بالبلاد والإطاحة بالرئيس
محمد مرسي.
والرموز الثلاثة هي القيادي بجماعة الإخوان المسلمين الدكتور
محمد البلتاجي، والقيادي بحزب الوسط والبرلماني والمحامي عصام سلطان، والمرشح
الرئاسي السابق الشيخ حازم أبو إسماعيل.
وكشفت أسرة البلتاجي، ورسالة مسربة لسلطان، عن حجم ما
يتعرضان له بسجون الانقلاب، وهو ما أرجعه محللون ومراقبون بأنه ثأر شخصي من رأس
السلطة عبدالفتاح السيسي، بحقهم.
وبداية الشهر الجاري، كشفت عائلة البلتاجي، المحكوم بأكثر من
حكم إعدام وبالسجن لأكثر من 120 عاما؛ تدهور حالته الصحية بسجن العقرب، وتعرضه
لـ"جلطة دماغية"، مشيرة لاستمرار منع الزيارة والتواصل معه للعام الثالث
على التوالي، بانتهاك صارخ للدستور والقانون والمعاهدات الدولية.
وبرسالة سلطان، المحكوم بالمؤبد بقضية "فض اعتصام
رابعة"، رغم اعتقاله قبل الفض بأسبوعين، طالب مجلس حقوق الإنسان بالأمم
المتحدة، بتشكيل لجنة أممية لزيارة سجن العقرب الذي يقبع فيه منذ 29 تموز 2013،
للوقوف على الإجراءات القمعية تجاه المعارضين.
سلطان، أكد أنه "يتعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي
والمعنوي، عبر محاكمات صورية هزلية، فاقدة لأدنى الضمانات الدستورية والدولية،
بدءا من منع الطعام والشراب والدواء والملابس والشمس والهواء، ونهاية بمنع أهله من
زيارته لأكثر من عام، وهي الإجراءات التي زادت قسوتها بعد رفضه لمساومة إدارة
السجن له، بالتوقيع على وثيقة تأييده للسيسي".
وكان الشيخ حازم أبو إسماعيل المحكوم عليه بـ13 سنة بثلاث
قضايا، قد دخل بإضراب عن الطعام في سجنه منتصف العام الماضي، اعتراضا على سوء
المعاملة وانتهاك حقوقه ومنع الزيارة عنه لسنوات ووضعه منذ اعتقل بتموز 2013،
بزنزانة انفرادية.
المجموعة الكاشفة
وبتعليقه يرى القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين محيي
عيسى، أن أسباب تنكيل النظام بشكل خاص بكل من البلتاجي وسلطان وأبو إسماعيل، لأن
"الثلاثة يشكلون المجموعة الكاشفة لتآمر العسكر".
عيسى، أوضح فكرته بالقول إنهم "تقريبا الوحيدون الذين
لم ينخدعوا بالعسكر، ومن أول يوم حذروا وكشفوا المؤامرة؛ خاصة الشيخ حازم
والبلتاجي".
محاولة كسر الإرادة
وأكد رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية
والإستراتيجية، إسلام الغمري، أن "الانقلاب يمارس سياسة ممنهجة ضد المعتقلين
السياسيين عامة والهدف منها محاولة كسر الإرادة والصمود لديهم؛ ولكنه يمارس هذه
السياسة بحق بعض القادة والرموز بشكل خاص".
الغمري أضاف "وبالقلب منهم بعد الرئيس محمد مرسي، يأتي
البلتاجي وسلطان والشيخ حازم"، موضحا أن "منبع ذلك هو رغبة الانقلاب
بالانتقام والتشفي منهم لانهم من الرموز الكبار لثورة يناير، وأصحاب سبق بالتنبؤ
بمكر واحتيال بعض رجالات المجلس العسكري بالتآمر والانقضاض على الثورة".
وحول اقتراب التغيير الذي حلم به البلتاجي، وسلطان، وأبو
إسماعيل، أكد الغمري أن "الطريق للتغيير سيكون محصورا بين الثورة الشعبية
الشاملة أو انقلاب عسكري؛ فالجميع يرى هذه الحتمية نظرا لحالة الغليان الشعبي
والأوضاع الاقتصادية الخانقة ورفضا للاستبداد والخيانة والفساد التي أصبحت عنوانا
للسلطة".
كشفوا سوأته
وأرجع الباحث والسياسي المصري، حاتم أبوزيد، موقف النظام من
ثلاثتهم، لكونهم "كشفوا سوأة النظام
بوضوح؛ بل كان عنوانهم بكشف تلك السوءة السيسي وبمنتهى الوضوح".
المتحدث باسم حزب الأصالة، أوضح أن "الشيخ حازم حذر من
الانقلاب العسكري مبكرا، واتهم السيسي به، والجميع يذكر له وصف السيسي أنه يقوم
بدور الممثل العاطفي".
وأضاف، أما "البلتاجي، فكشف أيضا دور السيسي، بأحداث 2،
3 فبراير 2011، (موقعة الجمل والاعتداء على الثوار بميدان التحرير)، بجانب دوره
وثباته بأحداث فض (رابعة)".
وتابع أبوزيد، "أما عصام سلطان فقال بعد الانقلاب: الآن
لدينا قائد للثورة المضادة معروف هو السيسي قائد الانقلاب العسكري"، مشيرا
إلى أن "وضوحهم كشف العسكر وقائدهم ودورهم التآمري؛ وربما يكون هذا السبب
وراء الرغبة بالانتقام والتنكيل بهم".