العدد 1470 /14-7-2021
أنور الزيادات
دعا مشاركون في ندوة أقامها مركز دراسات الشرق الأوسط يوم الثلاثاء،
في العاصمة الأردنية عمان، إلى تنويع الخيارات في العلاقة الأردنية مع القوى الفلسطينية
والقوى الدولية بما يعزز من دور الأردن تجاه القضية الفلسطينية ويحقق المصالح العليا،
لا سيما في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من تطورات لصالحها بعد معركة "سيف
القدس"، إضافة إلى التغييرات في الحكومة الإسرائيلية.
وأشار المتحدثون في الندوة
التي جاءت تحت عنوان "دور الأردن في القضية الفلسطينية ما بعد معركة سيف القدس"
والتي أدارها رئيس المركز جواد الحمد، وشارك فيها عدد من الشخصيات السياسية والأكاديمية،
إلى ضرورة استثمار التغييرات في توجهات الرأي العام الأميركي لصالح القضية الفلسطينية،
لما تمثله القضية الفلسطينية من ملف سياسي وطني داخلي بالنسبة للأردن، وما يمثله قيام
الدولة الفلسطينية من مصلحة وطنية أردنية، مؤكدين ضرورة استثمار الأردن لقوة الجبهة
الداخلية وتماسكها تجاه القضية الفلسطينية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.
وناقش المتحدثون "طبيعة
الدور الأردني القائم قبل المعركة والتحديات التي تواجهه"، حيث أكد وزير التنمية
الأسبق الدكتور أمين مشاقبة أن تراجع العلاقات الأردنية- الإسرائيلية في الفترة الماضية يعود إلى سيطرة اليمين المتطرف
بقيادة بنيامين نتنياهو على مقاليد الحكم بإسرائيل،
إضافة إلى سياسات الإدارة الأميركية السابقة بقيادة ترامب، ما أثر سلباً على تراجع
الدور الأردني وقوة تأثيره.
وأضاف أن معركة "سيف
القدس" منحت الأردن قوة في الوقوف ضد المخططات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن قيمة
الدور الأردني سوف تزداد كلما تكون الحكومة الإسرائيلية أكثر عقلانية، مشدداً على
ضرورة إعادة التنسيق مع الأطراف الفلسطينية وخصوصاً حركة "حماس"، وذلك
دون مزاحمة مصر على دورها في القضية والقطاع.
وحول الأبعاد (السياسية والأمنية
والاقتصادية والاجتماعية) لانعكاسات المعركة على الدور الأردني، أشار أستاذ العلوم
السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، إلى أن معركة "سيف القدس"
كان لها انعكاسات على كافة الأطراف ذات الصلة، بما في ذلك تعزيز الدور الأردني القائم
في ظل تمتعه بواقع استراتيجي غير قابل للتجاوز، إضافة إلى المساهمة في تعزيز الوحدة
الوطنية الأردنية وإحياء الذاكرة الجمعية خصوصاً لدى الشباب، فيما لم يشكل هذا التصعيد
أي تهديد أمني للأردن بل فتح فرصاً جديدةً له، عدا عن تأكيد دور الأردن كحاضنة اجتماعية
واقتصادية لدعم صمود الشعب الفلسطيني.
وحول "الفرص أمام الدور
الأردني وملامحه" أوضح النائب السابقجميل النمري، أن الأردن عانى قبل المواجهة الأخيرة إشكالات معقدة في علاقته
بالقضية الفلسطينية، حيث "كلما ارتفع التوتر والمواجهات في الداخل ارتفع التوتر
في الداخل الأردني"، كما عانى تنكر كيان الاحتلال لشروط الحل الشامل والعادل للقضية
الفلسطينية الذي ينعكس بشكل مباشر على الأمن الوطني الأردني والاستقرار خاصة بوجود
مشروع الوطن البديل.
واعتبر النمري أن المعادلات
تغيرت في ظل السياق الذي جاءت فيه معركة "سيف القدس"، مشيرًا إلى أن المعركة
وفرت بيئة ممتازة لانقلاب الموقف لصالح الأردن وسياساته على جميع المستويات، وذلك
بتنامي الوعي الشعبي والسياسي بأن الاحتلال الإسرائيلي هو العائق الوحيد أمام الوصول
الى حل سياسي، إضافة إلى تنامي الثقة بإرادة الشعب الفلسطيني والصمود على أرضه، عدا
عن "اتحاد الموقف الرسمي والشعبي في مواجهة صفقة القرن وظهور الأردن بموقف قوي
رغم شح الإمكانات مقارنة بمواقف دول عربية أخرى هرولت للتطبيع المجاني" .
وأكد النمري ضرورة إعادة العلاقات
مع حماس على قاعدة القواسم المشتركة في القضية الفلسطينية، وإعادة ترسيم العلاقة مع
السلطة الفلسطينية على قاعدة التشاور والتنسيق، وقطع الطريق على أي استغلال إقليمي
للقضية الفلسطينية، إضافة إلى إعادة بناء استراتيجية عربية متوافقة لدعم القضية الفلسطينية،
مع استثمار التغيير في الإدارة الأميركية لصالح القضية.
بدوره، أشار الكاتب والمحلل
السياسي عبد الله المجالي إلى أن الهبة الشعبية الواسعة خلال أحداث القدس ومعركة
"سيف القدس"، وانخراط كافة مكونات الشعب الأردني فيها، أظهرت مدى تماسك
الجبهة الداخلية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إضافة إلى انسجام الجانب الرسمي والتناغم
مع الرأي العام والمواقف الشعبية، رغم التباين بينهما في ملفين رئيسيين في آلية التعاطي
مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والاعتراف بها والتطبيع معها، وفي طريقة التخلص من الاحتلال.
وأكد المجالي أنه في ظل تماسك
الجبهة الداخلية وتوافر ظرف دولي ورأي عام عالمي يمكن أن يشكل ذلك رافعة كبرى لصانع
القرار الأردني، مما يتيح له استعادة دوره الحيوي في الملف الفلسطيني.
من جهته، أكد الكاتب عاطف
الجولاني أنه في حال اختار الأردن اغتنام الفرص والمساحات التي أتاحتها معركة "سيف
القدس"، فإن من أبرز الملامح المتوقعة للدور الأردني الجديد في القضية الفلسطينية
على المستوى الرسمي في المرحلة الجديدة فتح علاقات أردنية أكثر توازناً وانفتاحا مع
مختلف القوى والأطر المؤثرة في الساحة الفلسطينية، إضافة إلى لعب دور مستمر وفاعل في
رعاية المقدسات في مدينة القدس وفي حمايتها والإشراف عليها بما ينسجم مع الوصاية
الأردنية على المقدسات.