أثارت زيارة أحمد الخطيب، مستشار العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، لسد النهضة الإثيوبي يوم الجمعة الماضي، تساؤلات حول أهدافها وما إذا كان لها علاقة بالخلافات السعودية المصرية، خصوصاً أنها تزامنت مع استقبال قائد الانقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي، للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، بحسب مصادر رسمية متطابقة مصرية وسعودية.
ووصف مراقبون هذه الزيارات بأنها قائمة على «سياسة المكايدة» بين النظامين المختلفين في ملفات أهمها سوريا واليمن، فيما اتهم محللون النظام الانقلابي في مصر بأنه يسعى إلى «تدفيع» المصريين ثمن تردي العلاقات مع السعودية من خلال ملف المياه الأخطر بالنسبة لهم، وخاصة في ظل تردي العلاقات الإثيوبية المصرية، واتهام أديس أبابا سلطات الانقلاب بدعم جماعات مناهضة لحكومتها.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، أسامة الهتيمي، إن السعودية تريد أن تبعث برسالة إلى النظام المصري، مفادها أنه «كما أنكم تمتلكون أوراق ضغط؛ فإننا كذلك لدينا من أوراق الضغط الكثير»، مشيراً إلى أن ذلك يأتي «في إطار الرد السريع على تطورات المواقف المصرية إزاء العديد من الملفات الإقليمية، وأبرزها سوريا واليمن».
وأضاف الهتيمي أنه «بقدر ما تعبر هذه الزيارة السعودية عن مبدأ معروف في الدبلوماسية، وهو الرد بالمثل؛ إلا أنها جاءت خطوة متسرعة تتنافى مع ما عهده المراقبون عن السياسات الخارجية للمملكة، حيث التزام الهدوء وضبط النفس». ورأى أن «مثل هذه الخطوة كفيلة بأن تفقد المملكة حالة الدعم والتأييد الشعبي المصري الذي يتعاطى مع المملكة كونها بلد الحرمين الشريفين»، معللاً ذلك بأن «مسألة السد الإثيوبي ليست مجرد قضية سياسية، وإنما يعلم الجميع أنه سيكون لها انعكاساتها الخطيرة على المصريين، فهي تمس بالدرجة الأولى حياة ومصير نحو مائة مليون مواطن، ومستقبل بلد بكامله».
ورأى الهتيمي أن «هذا التطور الحادث في العلاقات المصرية-الخليجية؛ يؤكد أن مفهوم الأمن القومي أصبح خاضعاً للنظرية التفكيكية والنسبية»، موضحاً أنه «لم يعد هناك ثمة توافق على مفهوم محدد لهذا الأمن، بل إن كل دولة أصبحت تنظر له وفق وجهة نظر ذاتية، وفي إطار مصالحها الضيقة».
من جهته؛ قال المحلل السياسي المصري محمد الزواوي، إن «هناك ارتباكاً في السياسة الخارجية المصرية، التي لم تعد بوصلتها منضبطة بالمصلحة الوطنية».
وأضاف أن «سياسة مصر الخارجية مدفوعة باتجاهين أساسيين، أحدهما هو اتباع الجهات التي تستطيع انتشال مصر من عثراتها الاقتصادية؛ عن طريق قروض اقتصادية، أو تمويل لمشروعات قصيرة أو طويلة الأمد. والاتجاه الثاني يتمثل في معاداة الحركات الإسلامية، وبالطبع الجهادية، في طول العالم العربي». ورأى أنه «بصرف النظر عن دقة التقارير المتعلقة بزيارة علي صالح لمصر؛ فإن الشعب المصري هو من يدفع ثمن الحفاظ على النظام نتيجة لتلك المناورات المتعددة».
وتابع الزواوي: «بالرغم من أن مصر والسعودية لا تملكان القطيعة أو العداء المطلق بين بعضهما البعض؛ إلا أن الرياض بيدها الكثير من الأوراق التي تستطيع من خلالها التأثير على الاقتصاد المصري، التي من من بينها التعاون مع إثيوبيا في مشروعات لتوليد الطاقة الكهربائية، ودورها القيادي في مجلس التعاون الخليجي الذي يملك استثمارات متنوعة في عدد من دول القارة السمراء، ومن بينها إثيوبيا».
من جانبه؛ رأى الكاتب الصحفي أحمد حسن الشرقاوي، أنه «لا علاقة بين زيارة مستشار الملك سلمان لسد النهضة بإثيوبيا، وبين زيارة علي عبد الله صالح السرية لمصر»، وقال إن «الشقاق بين القاهرة والرياض يتسع ويكبر كل يوم، ولا يمكن حالياً القول بأنه وصل إلى مرحلة (اللاعودة)».