العدد 1360 / 1-5-2019
مطلع آذار الماضي، حدث شئ لم يسبق له مثيل في دولة غربية ولم
يلاحظه أحد تقريبًا، وهو أن شعار جماعة الإخوان المسلمين أضيف إلى شعارات المنظمات
المحظورة في النمسا لينضم بذلك إلى قائمة الرموز الممنوعة في البلاد
وفي العديد من البلدان، تحاول جماعات الضغط وجماعات اليمين
منذ فترة طويلة حظر جماعة الإخوان المسلمين
ومع ذلك، يرى مراقبون أن الهدف الحقيقي لهذه الجهود ليس
تهديد وجود الجماعة التي وخفتت سياسيًا في العديد من الدول العربية، لكن الهدف هو
تهديد نشطاء المجتمع المدني والسياسيين ذوي الخلفية الإسلامية في الغرب
في واقع الأمر، يبدو أنه يتم استهداف الأشخاص الذين يحدثون
فرقًا في المجتمع الغربي، مثل عضوتي الكونغرس الأمريكيتين، رشيدة طليب وإلهان عمر،
إضافة إلى الناشطين السياسيين مثل الناشطة الأمريكية ليندا صرصور، بشكل متكرر من
قبل اليمين المتطرف، الذي يتحدث عن هذه الشخصيات على أنها تنتمي إلى الإخوان
المسلمين
وفي الولايات المتحدة، كانت هناك ثلاث محاولات تشريعية
لإقرار مشروع قانون لإعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية
على الأرض لن يؤثر هذا في المقام الأول، إذا تحقق، على
الجماعة، بل على الجمعيات الإسلامية الأمريكية التي تعمل في مجال الخدمة
الاجتماعية، وهي صوت مهم للمعارضة السياسية للظلم والعنصرية بأساليب لا تنتهج
العنف
وكما قالت "شبكة مناهضة الإسلاموفوبيا"، وهي مشروع
تابع لمنظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" (غير حكومية مقرها الولايات
المتحدة)، "يمكن لإدارة الرئيس دونالد ترامب بسهولة استخدام التشريع المقترح،
إضافة إلى أمر تنفيذي يصدر من جانبه، لاستهداف منظمات الحريات المدنية الإسلامية
المحلية وغيرها من المنظمات التي تعمل لصالح المسلمين في الولايات المتحدة"
وحتى الآن لم يتم إقرار ما يسمى "قانون تصنيف جماعة
الإخوان المسلمين إرهابية لعام 2017" بسبب اعتبارات تتعلق بالسياسة الخارجية
لكن يمكن رؤية محاولات مماثلة في أماكن أخرى، ففي نيسان
2014، كلف رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت، ديفيد كاميرون، بإعداد مراجعة داخلية
لجماعة الإخوان لتحديد ما إذا كان من الممكن ربط المنظمة في المملكة المتحدة
وخارجها بالتطرف والإرهاب أم لا
ولم تؤد هذه المراجعة إلى حظر الجماعة ولا إلى تصنيفها
كمنظمة إرهابية
وبالتالي، كانت النمسا أول بلد يصنف جماعة الإخوان كمنظمة
متطرفة، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا على خلفية تشريع تم إعداده مسبقًا
فبعد الحرب العالمية الثانية، حظرت النمسا رموز الاشتراكية
القومية من خلال إصدار ما يعرف بـ"قانون الحظر" لعام 1947
وبعد عدة عقود، إثر ظهور تنظيم "داعش"، قامت حكومة
ائتلافية شكلها حزب الشعب النمساوي المحافظ، والحزب الديمقراطي الاجتماعي بحظر
استخدام الرموز المرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش" عام 2014
وصدر قانون حظر الرموز لعام 2019 في مارس الماضي من قبل
حكومة يمينية مؤلفة من حزب الحرية المتطرف اليميني وحزب الشعب المعاد هيكلته
برئاسة المستشار النمساوي زيباستيان كورتس
وتم تمديد الحظر ليشمل تنظيم "بي كا كا"، وحركة
حماس الفلسطينية، والجناح العسكري لحزب الله اللبناني، والإخوان المسلمين، ومنظمة
"الذئاب الرمادية" القومية التركية، ومنظمة "أوستاشي"
الكرواتية، والمنظمات التي يصنفها الاتحاد الأوروبي بأنها إرهابية
وتدعي الحكومة النمساوية أن "رموز وإشارات المنظمات
المذكورة في القانون المعدل تتعارض مع الدستور وتتناقض مع قيمنا الديمقراطية
الأساسية" .