العدد 1667 /11-6-2025

نايف زيداني

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، منها هيئة البث "كان"، يوم الثلاثاء، بأنه سيُقتاد عدد من نشطاء سفينة "مادلين" التابعة لأسطول الحرية، التي قرصنتها إسرائيل فجر أمس الاثنين، إلى مركز احتجاز، بعد رفضهم التوقيع على وثائق الترحيل.

وأشارت إلى أن الناشطة السويدية المؤيدة للفلسطينيين، غريتا تونبرغ، التي كانت على متن السفينة التي أبحرت من إيطاليا نحو غزة، واعترضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على بعد كيلومترات من القطاع، وقّعت على وثائق الترحيل إلى جانب ثلاثة نشطاء آخرين، ومن المتوقع أن تغادر إسرائيل قريباً، فيما رفضت عضو البرلمان الأوروبي، ريما حسن، إلى جانب سبعة آخرين، الأمر، وسيُقتادون إلى مركز احتجاز.

وأجرى موظفو سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية، ليل الاثنين - الثلاثاء، "جلسات استماع" لجميع المشاركين الـ12 في "أسطول الحرية" الذي كان يهدف إلى كسر الحصار عن غزة، ولفت النظر إلى معاناة سكان القطاع. ووقع أربعة منهم على وثائق الترحيل، وسيغادرون إسرائيل على متن رحلات منفصلة خلال اليوم. أما الثمانية الآخرون الذين رفضوا التوقيع على الوثائق، فسيُنقَلون إلى مركز احتجاز. وبعد ذلك، سيُعرضون على جهات قضائية توافق على ترحيلهم من البلاد.

وكان مركز عدالة الحقوقي في الداخل، الذي يمثل النشطاء، قد أفاد، قبل فجر اليوم، بأنه استجابة لطلبه، وبعد مرور أكثر من 20 ساعة على احتجاز نشطاء سفينة مادلين، تلقّى معلومات تفيد بأنهم في طريقهم إلى مطار بن غوريون الدولي، بغية إجراء جلسات استماع هُناك قبيل ترحيلهم إلى بلدانهم الأم. وتابع بأن الطاقم القانوني التابع لمركز عدالة الحقوقي، سيقدّم إليهم الاستشارة القانونية اللازمة، وسيعمل أيضاً على توثيق شهاداتهم حول ما تعرضوا له منذ لحظة توقيفهم.

وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، فجراً، أنّ الناشطين الذين كانوا على متن السفينة "مادلين" عندما اعترضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في أثناء محاولتها الوصول إلى قطاع غزة، نُقلوا إلى مطار بن غوريون، تمهيداً لترحيلهم إلى بلدانهم. وقالت الوزارة في بيان إنّ "من يرفض توقيع أوراق الترحيل ومغادرة إسرائيل سيُحال على جهة قضائية، وفقاً للقانون الإسرائيلي".

وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن دولة الاحتلال نجحت إلى حد كبير في التعامل مع سفينة أسطول الحرية "مادلين"، التي كانت متّجهة إلى قطاع غزة، قبل اعتراضها فجر أمس الاثنين من قبل جيش الاحتلال واقتيادها إلى ميناء أسدود، وعلى متنها 12 ناشطاً مدافعاً عن حقوق الإنسان، وذلك من خلال التحايل الإعلامي، وتوثيق لحظات لتوزيع المياه والشطائر من قبل قوات الاحتلال على الناشطين، وتوجيه الأنظار من السيطرة على السفينة واختطاف طاقمها، إلى "المعاملة" الإنسانية بدلاً من استخدام القوة.

 

ومنذ إبحارها من إيطاليا، مطلع شهر يونيو/حزيران الحالي بدأ سلاح البحرية استعداداته لاعتراض السفينة، وتدرّب على عدة سيناريوهات محتملة، مع الحرص على تجنب إثارة اهتمام إعلامي كبير بها، في وقت هدد فيه وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، النشطاء الموجودين على متنها، بأنه وجّه جيش الاحتلال لاتخاذ "أي إجراء ضروري" لمنع وصول القافلة إلى قطاع غزة. وزعم في بيان أن "دولة إسرائيل لن تسمح لأحد بانتهاك الحصار البحري المفروض على غزة، الذي يهدف إلى منع نقل الأسلحة إلى حماس"، مضيفاً: "من الأفضل لغريتا تونبرغ (ناشطة مكافحة تغيّر المناخ) ورفاقها أن يعودوا أدراجهم، لأنهم لن يصلوا إلى غزة".

وذكر موقع واينت العبري أن جيش الاحتلال تمكن من إيصال رسالة استراتيجية، وأن إسرائيل صنّفت الأسطول من وراء الكواليس، خدعةً إعلاميةً، وقادت جهوداً لإدارتها، فضلاً عن قرار عرض فيلم لمشاهد تقول إنها من أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أي من عملية طوفان الأقصى، التي نفّذتها حركة حماس. وكتب موقع صحيفة معاريف، أن التغطية الإعلامية التي رافقت اعتراض السفينة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، ترسم صورة مختلفة عن الماضي، إذ لم تفشل إسرائيل هذه المرة في حملتها الإعلامية، بل يبدو أن رسائل وزارة الخارجية الإسرائيلية قد وصلت وجرى تبنيها، ولو جزئياً، من قبل وسائل إعلام رئيسية في الغرب.

ووصف "واينت" سيطرة جيش الاحتلال على السفينة بأنها كانت "سلسة وسريعة" من قبل قوات الكوماندوز البحري "شاييطت 13"، "دون وقوع إصابات". وأشار إلى أن "من بين الناشطين على متن السفينة، ناشطة المناخ غريتا تونبرغ، التي ظهرت مبتسمة أمام كاميرات الجيش الإسرائيلي في أثناء تلقيها صورة انتشرت لاحقاً في وسائل الإعلام العالمية. واللافت أن تونبرغ، المعروفة بأنها نباتية متشددة، تلقت من الجيش الإسرائيلي شطيرة بسطرمة".

وأثار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي رحلة سفينة "مادلين" غضباً دولياً، حيث ندد نشطاء حقوقيون وبرلمانيون باعتراض جيش الاحتلال السفينة المحملة بمساعدات إنسانية قبيل بلوغها وجهتها النهائية على بعد كيلومترات من شواطئ القطاع، واختطاف طاقمها.

ولم يكن عشوائياً اختيار النشطاء الدوليين اسم "مادلين" ليطلقوه على سفينة المساعدات الإنسانية التابعة لـ"أسطول الحرية" المتّجهة إلى قطاع غزة؛ لمحاولة كسر الحصار، في بادرة إنسانية تجاه القطاع الذي يعاني تفاصيل الحرب منذ أكثر من عشرين شهراً، بل كان تكريماً حياً للصيادة الفلسطينية مادلين كُلّاب التي خسرت مثل جميع الغزيين كل شيء خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ولم تنجُ الثلاثينية كُلّاب من التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي الذي تسبب في تدمير مختلف مقومات الحياة والقطاعات الاقتصادية في غزة، وبينها الصيد، إذ دمّرت الحرب ممتلكاتها وآمالها وأحلامها. وعن إطلاق اسمها على أسطول الحرية، أوضحت لـ"العربي الجديد"، أن أحد أفراد الطاقم التضامني تواصل معها بعدما عرف بعلاقتها الوثيقة مع أهلها بالبحر، وتفاصيل ما جرى معها قبل العدوان وخلاله، ومدى الصعوبات والتحديات التي واجهتها، وأخبرها برغبة النشطاء في إطلاق اسمها على مركب التضامن لتكريم رحلة معاناتها المتواصلة. وقد قبلت العرض، وطلبت من المتضامنين عدم المخاطرة، فيما أخبروها أنهم يحملون مواد تموينية مثل الأرز والطحين والأدوية، وأنهم سلميون وسيحافظون على التعليمات من دون أي مجازفة أو مخاطرة.