العدد 1394 / 8-1-2020

بعد مخاض عسير، كشف رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي عن تركيبة أعضاء حكومته الجديدة لتعرض على البرلمان من أجل منحها الثقة، في وقت أعلنت عدة كتل برلمانية وازنة أنها لن تصوت لها.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد أقر يوم الخميس القائمة النهائية للحكومة الموجهة للبرلمان، وفقا لمقتضيات الدستور. من جانبه دعا رئيس البرلمان راشد الغنوشي مكتب المجلس للاجتماع السبت لتحديد موعد الجلسة العامة، للتصويت على تلك التشكيلة الوزارية.

وتعرض الحكومة الجديدة موجز برنامج عملها على مجلس النواب لنيل الثقة بالأغلبية المطلقة لأعضائه (ما لا يقل عن 109 اصوات من جملة 217) بحسب مقتضيات الفصل رقم 89 من الدستور. وعند نيلها ثقة المجلس، يتولى رئيس الجمهورية فورا تسمية رئيس الحكومة وأعضائها.

وكان الجملي قد كشف -خلال ندوة صحفية- عن تركيبة حكومته المكونة من 28 وزيرا و15 كاتب دولة (وكيل وزارة). وحافظ وزير السياحة الحالي روني الطرابلسي على منصبه. في حين عين ثلاثة قضاة على رأس وزارات سيادية، وهم سفيان السليطي للداخلية، وعماد درويش للدفاع، والهادي القديري للعدل.

وأسندت حقيبة الخارجية للسفير الحالي بالأردن خالد السهيلي، ووزارة الشباب والرياضة إلى لاعب كرة القدم السابق طارق ذياب، والثقافة للممثل فتحي الهداوي.

وقال رئيس الوزراء المكلّف إنه واثق من تصويت البرلمان لحكومته، من باب تغليب المصلحة الوطنية والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، لافتا إلى أن معيار الكفاءة والنزاهة كان مقياسه في اختيار أعضاء حكومته.

وسارعت قيادات حزبية لإعلان مواقفها من حكومة الجملي بين متحفظ ورافض، حيث أكد زياد غناي القيادي بالتيار الديمقراطي أن حزبه لن يصوت لتلك الحكومة مبررا موقفه بما سماه غياب الرؤية والكفاءة والاستقلالية في أغلب تركيبتها.

واتهم غناي حركة النهضة و"قلب تونس" بممارسة المناورة السياسية وخداع المواطنين، والحكم من وراء تشكيلة في ظاهرها مستقلة لكنها تدين بالولاء للحزبين.

بدوره، أكد النائب عن حركة "الشعب" خالد الكريشي أن حزبه لن يمنح الثقة للحكومة المقترحة، وأن التركيبة المعلنة تخالف ما وعد به الجملي التونسيين حول تكوين حكومة كفاءات مستقلة غير متحزبة.

وهاجم الكريشي -في تصريحات إعلامية محلية- بعض الأسماء المقترحة بالحكومة على غرار وزير السياحة ذي الأصول اليهودية معتبرا أنه "يدين بالولاء للكيان الصهيوني" إضافة إلى (اعتراضه) على وزير الرياضة وكذلك وزير التعاون الدولي فاضل عبد الكافي، مشيرا إلى أن الحكومة تمثل تحالفا بين "قلب تونس" و"النهضة".

وكان حزب "قلب تونس" قد أكد في بيان الخميس أن منحه الثقة لحكومة الجملي يبقى رهين "التشاور المسؤول والرسمي مع قيادة الحزب وإطلاعه بصفة رسمية على برنامج الحكومة والقائمة الوزارية المفترضة والتشاور بشأنها".

بالمقابل، قال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين العرباوي -في تصريحات - إنّ "الحركة ستصوّت على حكومة الجملي وستعتبرها حكومتها وستلتزم بالدفاع عنها".

وينتظر أن يعقد مجلس شورى "النهضة" قريبا اجتماعه لإعلان موقفه الرسمي، في ظل اختلاف معلن بين قيادات الحزب حول حكومة الكفاءات المستقلة التي مضى الجملي في تشكيلها.

وكانت قيادات من داخل النهضة -على غرار العجمي الوريمي وناجي الجمل- عبرت عن تحفظها على التشكيلة المقترحة، مشككة في شرعية وجودها ومدى قدرتها على الصمود في غياب حزام برلماني داعم لها.

وقال النائب عن ائتلاف "الكرامة" عبد اللطيف العلوي إن التوجه العام لكتلته البرلمانية يقضي بعدم التصويت لحكومة الجملي، لكنه أشار بالمقابل إلى منح نواب الكتلة حرية التصويت وفق قناعاتهم.

وبرر العلوي رفضه لحكومة الكفاءات التي اقترحها الجملي لما أسماه عدم استعداد الائتلاف لتحمل فاتورة توجه سياسي خاطئ في ظاهره كفاءات مستقلة وفي باطنه غطاء لبعض الشخصيات الحزبية.

وأقر بأن تلك الحكومة تمثل في جزء كبير من تركيبتها تحالفا بين "النهضة" و"قلب تونس" لكنه استدرك "أنا لا ألوم الجملي ولا النهضة لأنهم دفعوا دفعا إلى تشكيل هكذا حكومة، لكننا لسنا مستعدين في الائتلاف أن نتحمل الفاتورة السياسية لهذا الاختيار".

وفتح العلوي -في تدوينة عبر صفحته على فيسبوك- النار على حركة "الشعب" و"التيار الديمقراطي" مؤكدا أن هذين الحزبين اللذين فوتا على تونس فرصة تاريخية لتكوين حكومة ثورية لا يحق لهما سياسيا ولا أخلاقيا المزايدة على تلك الحكومة.

قيادات بحزب "تحيا تونس" أعلنت بدورها عن تحفظها على حكومة الجملي، حيث صرح القيادي بالحزب وليد الجلاد لوسائل إعلام محلية أن كتلته لن تمنحها الثقة.