العدد 1677 /20-8-2025

في 10 أغسطس/آب الحالي، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ستة صحافيين، هم أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، باستهداف خيمتهم أمام مستشفى الشهداء في مدينة غزة، لينضموا إلى 232 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي استشهدوا منذ بدء العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. أقر جيش الاحتلال بقتل مراسل "الجزيرة" أنس الشريف حصراً، ونشر ما زعم أنها "أدلة" على أنه "قيادي في حركة حماس تظاهر بصفة صحافي في شبكة الجزيرة"، واتهمه بأنه كان يقود "خلية تابعة للحركة ومسؤولاً عن تنسيق هجمات صاروخية ضد مدنيين إسرائيليين وقوات الجيش".

لكن، كما أوضح مراسل الشرق الأوسط، ماثيو دوران، في موقع هيئة البث الأسترالية (إيه بي سي)، كان من الخطأ أن يتوقع الجيش الإسرائيلي أن تُستقبل هذه المزاعم من دون نقاش، ولا سيما أن استهداف الصحافيين يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

تقرير دوران نشرته "إيه بي سي"، أكبر هيئة بث في أستراليا، التي لطالما وُصفت بالانحياز لإسرائيل. فقد تعرضت الهيئة لانتقادات حادة لإظهارها تحيزاً في تغطيتها للعدوان الإسرائيلي، كذلك طردت صحافية لنشرها تقريراً ينتقد إسرائيل، مع سياسات تمنع استخدام مصطلحات مثل "جرائم حرب"، و"إبادة جماعية"، و"تطهير عرقي"، "فصل عنصري"، أو "احتلال" لوصف جرائم إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وأشار التقرير إلى أن التشكيك في أي تصريحات إسرائيلية عما ترتكبه في غزة أصبح واسع الانتشار، حتى إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مؤتمرات صحافية نادرة لمواجهة ما أسماه "حملة أكاذيب عالمية". وأضاف التقرير أن "عقلية 'ثقوا بنا' فقدت قوتها منذ زمن بعيد بعد 22 شهراً من الموت والدمار في غزة".

يذكر أن إسرائيل تنكر غالبية الأخبار الواردة من غزة بزعم أنها "دعاية لحماس"، بينما تمنع وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلا تحت إشراف جنود في مناطق محددة، بهدف إظهار أجزاء من القطاع تعزز روايتها للعالم. ولطالما وُجهت لإسرائيل اتهامات باستهداف الصحافيين الفلسطينيين، ما أدى إلى استشهاد 238 عاملاً في المجال الإعلامي.

سلطات الاحتلال برّرت ذلك من خلال دعاية تتهمهم بالإرهاب، فيما لفتت صحيفة ذا غارديان البريطانية إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قدّموا مراراً روايات مضللة ومتغيرة، وأكدت منظمة مراسلون بلا حدود أن الأدلة التي اعتمدت عليها إسرائيل لتبرير اغتيال أنس الشريف مليئة بالتناقضات.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ كُلّفت وحدة خاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديد الصحافيين الذين يمكن تشويه سمعتهم واتّهامهم بأنهم مقاتلون؛ لاستهدافهم والتقليل من حدّة الغضب الدولي إزاء قتل العاملين في مجال الإعلام في قطاع غزة، وفقاً لما كشفته مجلة 972+ الإلكترونية ومنصة لوكال كول الإخبارية. وأفاد التقرير، المنشور الخميس الماضي، بأن "خلية إضفاء الشرعية" (legitimisation cell) أُنشئت بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذها المقاومون الفلسطينيون في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لجمع معلومات يمكنها تعزيز صورة إسرائيل ودعم المساندة الدبلوماسية والعسكرية من الحلفاء الرئيسيين، وذلك استناداً إلى ثلاثة مصادر استخبارية. وبحسب التقرير، ففي حالة واحدة على الأقل، شوّهت الوحدة المعلومات عمداً لوصف صحافي زوراً بأنه مقاتل، وهي صفة تعني فعلياً في غزة حكماً بالإعدام.

وقالت مصادر استخبارية لـ"972+" إن "خلية إضفاء الشرعية" عملت على تقويض عمل الصحافيين الفلسطينيين، وكذلك مكانتهم المحمية بموجب القانون الدولي. ونُقل عن أحد المصادر قوله إن الضباط كانوا متحمسين لإيجاد عامل في الإعلام يمكن ربطه بـ"حماس"، لاقتناعهم بأن الصحافيين في غزة "يشوّهون سمعة إسرائيل أمام العالم". وأضاف المصدر أنه في حالة واحدة على الأقل شوّهت الوحدة الأدلة لاتهام مراسل زوراً بأنه مقاتل متخفٍّ، على الرغم من أن هذه الصفة أُزيلت قبل إصدار أمر بالاغتيال، وقال أحد المصادر: "كانوا متحمّسين لوضعه على قائمة الأهداف، واعتباره إرهابياً، ليقولوا إن مهاجمته مبرّرة. قالوا: في النهار هو صحافي، وفي الليل قائد فصيل. كان الجميع متحمّساً، لكن حدثت سلسلة من الأخطاء وتجاوزات للإجراءات"، وأضاف المصدر نفسه: "في النهاية، أدركوا أنه كان بالفعل صحافياً، فحذف اسمه من قائمة الأهداف".