العدد 1646 /8-1-2025
وسام حجار

شهدت سوريا خلال العقود الماضية ظروفًا استثنائية حملت في طياتها دمارًا كبيرًا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. فقد ألحقت الحرب أثرًا واضحًا بالبنية التحتية، وسببت تشريد الملايين وتدهورًا على مختلف الأصعدة.

أمام هذا الواقع، يبرز الشباب السوري المغترب كأحد العناصر المحورية التي يمكن أن تسهم بشكل فعال في دفع عجلة نهضة سوريا الحديثة وإعادة إعمارها. إذ يمثل هؤلاء الشباب ثروة بشرية ذات قيمة عالية، بما اكتسبوه من مهارات وخبرات خلال إقامتهم في الخارج.

1. الشباب المغترب كمصدر للمعرفة والخبرة

من أبرز المساهمات التي يقدمها الشباب المغترب لسوريا هي الخبرات النوعية التي اكتسبوها أثناء دراستهم وعملهم في بلدان المهجر. فقد استطاع كثيرون منهم الحصول على تعليم عالٍ في تخصصاتحيوية كالهندسة، الطب، الاقتصاد، التكنولوجيا، والإدارة. كما استفاد البعض من العمل داخل مؤسسات دولية أو شركات كبرى، ما وفر لهم اطلاعًا علىأحدث الممارسات والتقنيات عالميًا. هذه التجارب يمكن أن تجعل منهم أدوات فعالة للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار على مختلف المستويات، مثل إصلاح البنية التحتية، تحسين نظم التعليم والرعاية الصحية، ودعم القطاعات الاقتصاديةالتي تحتاج إلى تحديث شامل يتماشى مع العصر.

2.جذب الاستثمارات وتعزيز الاقتصاد الوطني

يلعب الشباب المغترب كذلك دورًا جوهريًا في استقطاب الاستثمارات إلى الداخل السوري. فالعديد منهم نجحوا في بناء علاقات واسعة مع شبكات مؤسسات ومستثمرين عالميين أثناء عملهم في دول الغرب أو الخليج. من خلال هذه العلاقات يمكنهم الترويج لفرص الاستثمار في سوريا ضمن مجالات استراتيجية مثل الصناعة،التكنولوجيا، والزراعة. ولا تقتصرمساهماتهم على النواحي الاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضًا تقديم الدعم للمشاريع الاجتماعية التي تستهدف تحسين نوعية الحياة للمواطنين، مثل دعم ريادة الأعمال المحلية، توفير فرص عمل للشباب، وتمويل المبادرات المجتمعية الهادفة.

3.نشر ثقافة التطوع والعمل المجتمعي

إضافة لدعم الاقتصاد، للشباب المغترب دور مهم في غرس ثقافة التطوع والمشاركة المجتمعية بالمجتمعالسوري. فقد أثبتوا في دول المهجر تفوقهم في تنظيم مبادرات إنسانية ومشاريع تطوعية تهدف لخدمةمجتمعاتهم المحلية. من خلال استثمار هذه التجربة، يمكنهم إطلاق حملات توعية ومشاريع ميدانية داخل سوريا تركز على إعادة تأهيل المناطق المتضررة، دعم التعليم الأساسي، وتحسين الخدمات الصحية في القرىوالنواحي الأقل حظًا. هذه الأنشطة تسهم مباشرةً في تعزيز الاستقرار الاجتماعي وتحقيق تنمية متوازنة على مستوى البلاد.


4. بناء جيل مبدع من القادة ورواد الأعمال

إن خبرات الشباب المغترب بما اكتسبوه من تعليم وثقافة وانفتاح فكري تمنحهم فرصة للتميز كمبدعين وقادة للتغيير. فهم قادرون على ابتكار حلول جديدة وغير تقليدية للتحديات التي تواجه البلاد، مثل إعادة هيكلة النظام التعليمي أو تعميم استخدام التكنولوجيا الحديثة فيمختلف القطاعات. إلى جانب ذلك، بإمكانهم قيادة مشروعات صغيرة ومتوسطة تسهم في تحفيز الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة داخل سوريا. هذه المشروعات قد تكون موجهة نحو مجالات مستقبلية كالتكنولوجيا الخضراء أو الزراعة المستدامة، مما يدعم قدرة البلاد على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية القادمة.

إن الشباب السوري المغترب يشكل أحد أعمدة النهضة المرجوة لوطنه. فإسهاماتهم تمتد من توفير الدعم المالي والتقني إلى تعزيز الابتكار ونقل المعرفة واستقطاب الاستثمارات الدولية. عليهم أن يكونوا جزءًا من الخطط الوطنية الهادفة لتحقيق إعادة الإعمار والتنمية الشاملة للبلاد.

وسام حجار