العدد 1661 /30-4-2025
تنعكس التوترات الأمنية التي تحدث في مدينة حمص وسط سورية
على المدنيين بشكل مباشر، لا سيما العملية الأخيرة ليل الخميس - الجمعة، التي
أسفرت عن مقتل العميد الطيار في جيش نظام الأسد، علي شلهوب، التي أصيب على إثرها
عدد من عناصر الأمن العام، وحدثت نتيجتها محاولات خرق للأمن في حي وادي الدهب
جنوبي المدينة. ويتحدث بعض أهالي حمص عن استمرار حالات القتل العشوائي عبر
الدراجات النارية التي يقودها ملثمون، إضافة إلى حالات خطف وتهجير، ما يجعل
الأهالي يعيشون في حالة من الخوف، فيما تعمل قوى الأمن العام على محاولة ضبط الوضع
ومنع التجاوزات. قبل دخول حي وادي الدهب جنوبي مدينة حمص، وعند دوار تدمر جنوبي
المدينة، يستوقف حاجز للأمن العام المارة للتأكد من هوياتهم، ومن ثم يسمح بالعبور.
توترات أمنية في حمص
في شارع الحضارة وبعد عبور الحاجز، أغلب المحال التجارية
تعمل بشكل اعتيادي، مع وجود بعض المحال المغلقة، وعلى جانبي الطريق أشخاص يمارسون
حياتهم بشكل شبه طبيعي، وفق ما يوضح إبراهيم جبريل، مالك أحد المحال التجارية في
الشارع . ويرى جبريل أن عناصر الأمن العام يقفون لحماية السكان، وتعاملهم جيد،
لكنه يوضح أن مشكلة انتشار السلاح بيد فصائل غير منضبطة تثير الخوف. ويقول إن من
يسعون لزعزعة الأمن يحاولون جهدهم تهجير سكان بعض الأحياء ذات الغالبية العلوية،
معتبراً أن عدد العناصر الأمنية ليس كافياً لمنع هؤلاء من ارتكاب تجاوزات، مع
الإشارة إلى أن الشارع يشهد ضعفاً في الحركة الحالية عكس الفترة الماضية، بسبب ما
حدث أخيراً في وادي الدهب. ويشدد على ضرورة تحمل الأجهزة الأمنية مسؤولية ما يحدث
من تجاوزات، مضيفاً: "هناك تعاون جيد من قبل الأهالي مع الأجهزة الأمنية
والعكس، ما يدل على وجود رغبة مجتمعية حقيقية بالحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار".
تفصل العديد من الحواجز الأمنية حيي الزهرة والنزهة عن بقية
أحياء حمص، التي ينتشر فيها أيضاً حاجز للأمن، وتعمل فيها الحواجز على منع حصول
اعتداءات داخل تلك الأحياء على مدار 24 ساعة، وفق ما يوضح الناشط الحقوقي من مدينة
حمص تيسير الأحمد ، وهو كان شاهد عيان على ما حدث في حي وادي الدهب. ويقول إن
عناصر الأمن العام تعرّضوا لإصابات خلال ملاحقة العميد علي شلهوب، ومع نقل سيارات
الإسعاف للمصابين، قدِم بعض الشبان بهدف مؤازرة الأمن العام بدوافع شخصية، وهنا
حدثت مشادة كلامية بين الشبان وعناصر الأمن العام، كونهم منعوا من دخول المنطقة،
وبرروا قدومهم بوجود فلول للنظام المخلوع في الحي، إلا أن الأمن العام منع دخولهم
وأبلغهم أن المهمة حصراً بيد الأمن العام. ويؤكد الأحمد أنه على الرغم من عدد
الحواجز الكبير، تحصل خروقات في هذه الأحياء. ورصد حاجزاً عند دوار الفدعوس قرب
مقبرة الكتيب، وحاجزاً آخر باتجاه حي جب الجندلي، إضافة إلى حاجز آخر عند دوار
الفاخورة، وكذلك في شارع العدوية يوجد حاجز أيضاً.
كما يوضح الأحمد أن هناك حاجزاً أيضاً عند دوار النزهة
وحواجز إضافية داخل شارع الحضارة، إضافة إلى حاجز عند دوار الرئيس، لافتاً إلى أن
الضبط الأمني ليس مطلقاً، والحالة ليست بالمثالية تماماً، مضيفاً: "على العموم
الوضع تحت السيطرة".
هتافات طائفية وخوف
يقول أحد سكان حي الزهراء في حمص، إن عناصر الأمن العام
منعوا الجمعة الماضي هجوماً كانت ستنفذه مجموعات مجهولة على الحي، وقد انتشرت
فيديوهات تبيّن أن البعض من هؤلاء المهاجمين كانوا يرددون هتافات طائفية، وهذا ما
خلق حالة من الخوف تمثلت في إغلاق المحال التجارية، والتزام المنازل، علماً أن هذه
الحالة ليست وليدة حادثة اليومين الماضيين، وإنما يعيش سكان بعض المناطق في حمص
هذا الخوف، نظراً لانتشار حالات القتل العشوائي عبر الدراجات النارية التي يقودها
ملثمون، إضافة إلى حالات الخطف والتهجير، مطالباً عناصر الأمن العام أن يستمروا في
استنفارهم الحالي، منعاً من حدوث أي انتهاكات.
فلول النظام تتحرك
من جهته، يقول عضو مجلس نقابة المحامين فرع حمص المحامي عمار
عز الدين، إن الحادثة الأخيرة التي حصلت في حي وادي الدهب، تؤكد وجود عناصر من فلول
النظام السابق تعمل على إثارة الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في هذه الأحياء،
التي كانت تعتبر موالية له وخزاناً بشرياً لعملياته العسكرية وقتل وترهيب
السوريين. بدوره، يؤكد المحامي موسى شناني، عضو مجلس نقابة المحامين في حمص،
المقيم في حي الأرمن المجاور تماماً لحي الزهراء، أن الوضع الأمني في المدينة
مستقر عموماً، موضحاً أنه كان شاهد عيان على منع دخول مشبوهين ودراجات نارية إلى
حي الزهراء لمنع حدوث أعمال شغب أو انتهاكات، مشيراً إلى أن الحياة اليومية في
الأحياء ذات المكون العلوي والمسيحي تسير بشكل طبيعي وآمن، بفضل تعزيز الأمن وثقة
السكان في جهاز الأمن العام بعد فترة من الانفلات.
لكنه يشدد على ضرورة محاسبة المخالفين والخارجين عن القانون
ممن ينتحلون صفة الأمن العام ويرتكبون التجاوزات، مؤكداً أن كل عمل أمني يجب أن
يتم عبر السلطات المختصة لمنع الفوضى وأخذ الأبرياء بجريرة غيرهم. ودعا إلى دور
فاعل للمثقفين ورجال القانون في نشر الوعي، ونبذ الطائفية، ودعم دولة القانون
والعدالة، وتفعيل التعاميم الرسمية لضمان التوقيف الرسمي عبر مذكرات رسمية
للأشخاص، مع إعلام ذويهم بمصيرهم، لمنع الاختفاء القسري. ويحذر شناني من الانجرار
وراء الشائعات والمبالغات التي تروجها بعض الصفحات المشبوهة، مؤكداً أهمية
الاعتماد على الأخبار من مصادر موثوقة فقط. وحول أعداد القتلى خلال يومي الخميس
والجمعة الماضيين في محافظة حمص، يشير إلى أن البعض قتل على خلفية جنائية، والبعض
قتل على أساس طائفي، وعدد القتلى المتداول ما بين 11 و14 شخصاً.