«محمد الزواري» مهندس طيران ومخترع تونسي؛ درس الهندسة وعمل طياراً وعاش سنوات طويلة منفياً بين عدة دول عربية، ثم عاد إلى وطنه إثر ثورة 2011. انضم في المهجر إلى كتائب عز الدين القسام التي ساعدها في صناعة الطائرات بدون طيار، وعُثر عليه مقتولاً بالرصاص في بلده، فنعتْه القسام متهمة «إسرائيل» بقتله.
الدراسة والتكوين
وُلد محمد الزواري عام 1967 في صفاقس جنوبي تونس، وأكمل دراسته الثانوية، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وبعد عودته من منفاه إلى تونس عام 2011 سجل للدكتوراه في المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس، وكان يعد رسالة تخرجه حول اختراع غواصة تعمل بنظام التحكم عن بعد، وكانت رسالة تخرجه في مرحلة ما قبل الدكتوراه عن صناعة الطائرات بدون طيار.
عمل الزواري في المنفى مهندساً بإحدى الدول العربية، وبعد رجوعه إلى بلاده اشتغل مديراً فنياً في إحدى شركات الهندسة الميكانيكية، وأستاذاً جامعياً في المدرسة الوطنية للمهندسين. وتفيد مصادر بأنه كان طياراً في شركة الخطوط الجوية التونسية.
كما أسس وترأس «نادي الطيران النموذجي بصفاقس» الذي يدرب الشباب التونسي على تصنيع الطائرات من دون طيار، وفيه صنع الزواري طائرة دون طيار عام 2015 وجرّبها بمنطقة سيدي منصور التابعة لبلدية صفاقس.
المسار الشخصي
انخرط الزواري في شبابه في صفوف حركة الاتجاه الإسلامي التونسية التي صار اسمها في ما بعد حركة النهضة، فكان أحد نشطاء «الاتحاد العام التونسي للطلبة» المحسوب عليها، وكان نشاطه السياسي سبباً في الملاحقة الأمنية له من النظام التونسي.
اعتقِل بعد الأحداث الدامية التي ارتكبتها السلطات الأمنية يوم 8 أيار 1991 في عدة جامعات تونسية، وكانت تتويجاً لحملة أمنية على «الاتحاد العام التونسي للطلبة» بدأت بصدور قرار تجميد أنشطته يوم 29 آذار 1991.
وبعد الإفراج عنه غادر تونس، فتنقل بين ليبيا -التي أقام فيها مدة قصيرة- والسودان وسوريا، حيث استقر وتزوج بسيدة سورية عام 2008، وعمل هناك قبل أن يعود إلى تونس إثر اندلاع ثورتها وإسقاط نظام بن علي في 14 كانون الثاني 2011.
وأثناء إقامته في سوريا؛ ربط الزواري علاقات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فكان مقرباً منها، وتعاون مع جناحها العسكري (كتاب عزّ الدين القسام) التي استفادت من مهاراته العلمية في تنفيذ مشروعها لتأسيس وتطوير طائرات مسيّرة بدون طيار.
وإثر إعلان اغتياله وفي بيان نعْي أصدرته في 17 كانون الأول 2016؛ أكدت كتائب القسام أن الزواري التحق بصفوفها وعمل فيها قبل عشر سنوات، وأنه كان «أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية» التي كان لها دور في حرب «العصف المأكول» مع إسرائيل عام 2014.
وتعد هذه المرة الأولى التي يصدر فيها بيان من القسام يتبنى موهبة وخبرة عربية من غير الجنسية الفلسطينية.
وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية دور الزواري في تطوير القدرات العسكرية لحماس؛ فقد ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية وموقع «واللا» العبري أنه شارك في معسكرات الحركة في سوريا ولبنان، وكان كثير التردد على تركيا.
وأضافت أنه زار قطاع غزة ثلاث مرات عبر الأنفاق، فقدم للمقاومة الفلسطينية معلومات مهمة وأشرف على تطوير برنامج القسام العسكري، ولا سيما مشروع «طائرات أبابيل» حيث برزت قدراته الهندسية ونبوغه التكنولوجي.
حادث الاغتيال
اغتيل محمد الزواري يوم 15 كانون الأول 2016 بإطلاق شخصين مجهولين 20 رصاصة عليه وهو في سيارته أمام منزله بمنطقة العين في محافظة صفاقس بتونس، وقد أطلِق الرصاص من مسدسيْن كاتميْن للصوت فاستقرت ثماني رصاصات في جسده خمس منها في جمجمته. وأعلنت السلطات التونسية توقيف خمسة أشخاص يشتبه بتورطهم في عملية الاغتيال ومصادرة تجهيزات.
وفيما طالب حزب حركة النهضة السلطات الأمنية بكشف المنفذين قائلاً إن «عملية الاغتيال تهدد أمن التونسيين واستقرار تونس»؛ وجهت حماس ومقربون من الزواري فوراً أصابع الاتهام باغتياله إلى إسرائيل وجهاز مخابراتها (الموساد)، نظراً لدور القتيل في تحسين القدرات التكنولوجية للمقاومة الفلسطينية.
وقال رونين بريغمان -وهو محلل أمني إسرائيلي معروف بعلاقاته الوثيقة بالاستخبارات الإسرائيلية- إن الاتهامات الموجهة إلى جهاز الموساد بالمسؤولية عن اغتيال الزواري «لا تخلو من الصحة»، مؤكداً أن منفذي الاغتيال «تمكنوا من مغادرة تونس».
أما أورن هيلر -وهو معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة الإسرائيلية- فلفت إلى أن «إسرائيل» كانت تخشى من «الأفعال التي يمكن أن يفعلها الزواري في المستقبل»، مشيراً إلى سعي حماس للاستعانة به في «إنتاج طائرات بدون طيار قادرة على ضرب أهداف في عمق إسرائيل بأقل قدر من المخاطرة على مقاتليها».