العدد 1586 /1-11-2023
ما زال وليد جنبلاط يتصاعد إيجابيا في ساحة
لبنانية مطوقة بأزمة كبرى تجتاح الإقليم إنطلاقا من غزة الثائرة المنتفضة على الذل
العربي الرسمي البائس . ففي ظل إحتدام المواجهة بين المقاومة الفلسطينية والكيان
الصهيوني ، وتحت وطأة إمتداد النار المشتعلة الى لبنان يكرر جنبلاط طروحاته
الداعية الىخطوات استباقية تعالج الفراغ اللبناني الشائك في مستوياته المختلفة .
وهو إن لم يتمكن من تقديم حلا لمعضلة الشغور الرئاسي ، فإنه يحث الخطى بإتجاه
الحؤول دون وقوع فراغ أمني خطير إبتداء من العاشر من كانون الثاني القادم تاريخ
بلوغ قائد الجيش جوزف عون السن القانوني .
والخطورة
بطبيعة الحال تتضاعف عندما ندرك أن الفراغ كان قد وصل سابقا الى رئاسة الأركان في
الجيش اللبناني وهو فراغ مازال مستمرا حيث لا آلية قانونية معتبرة لسد الفراغ
المحتمل في قيادة الجيش اللبناني . والمعروف أن ما يزيد من تماس وليد جنبلاط مع
هذا الموضوع ، الى جانب بعده السياسي الوطني يتمثل في كون رئاسة الأركان في الجيش
اللبناني تدخل ضمن الحصة الطائفية الدرزية . وبما أن ميزان القوى السياسي داخل
طائفة الموحدين الدروز يميل الى أرجحية جنبلاطية واضحة فإن جنبلاط معني جدا بسد
فراغ رئاسة الأركان تلك وبتسمية ملائمة لهذا الموقع . وقد كان هذا الموضوع على
جدول أعمال جنبلاط وجبران باسيل الذي قام بجولة سياسية شاملة طالت خصومه السياسيين
قبل أسبوعين . لقد بات من المؤكد أن وليد جنبلاط إن لم يوفق الى تحقيق هدفه السياسي
المعلن والملتزم التهدئة العامة ، فإنه سيوفق الى إحراج خصومه السياسيين الذين
سيظهرون حتما بمظهر المتصلب والمتعنت حيال موضوع الشغور الرئاسي أو الشغور القادم
بقيادة الجيش ( لا سمح الله ) . او أنهم بالحد الأدنى من أهل العبث السياسي كما
وصفهم هو .
وليد جنبلاط حجمه صغير وفعله كبير . فهو زعيم
لطائفة من أصغر الطوائف اللبنانية ، لكنها طائفة فاعلة ومفعلة بفعل موقعها
الجغرافي وبفعل قيادتها التي أتقنت القيام بالدور السياسي الترجيحي الذي يشعر
الجميع أنه بحاجة اليها والى تأييدها المحبذ .
في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي لبست
الجنبلاطية ثوب اليسار وأحتل كمال إبن السيدة الزكية المميزة نظيرة جنبلاط زعامة
المعسكر اليساري اللبناني . مع نكهة فكرية وثقافية رشحته للقيام بأدوار سياسية
أكبر من الحجم السياسي والعددي والديموغرافي للدروز اللبنانيين . وفي مرحلة الطائف
والنفوذ السوري المباشر بين عامي ١٩٩٠ و٢٠٠٥ كان وليد كمال جنبلاط منسجما مع هذا
النفوذ ... علما انه بدأ بالتململ فن هذا النفوذ منذ عام ٢٠٠٠ تقريبا . أما بعد ١٤
شباط ٢٠٠٥ فإن وليد جنبلاط مال الى اليمين وبدا متطرفا في يمينيته في بعض الأحيان
. وهو الآن يرغب في وسطية مائلة جزئيا الى اليمين المتأثر بالدورين السعودي
والمصري في العالم العربي . خصوصا بعد ان فقد أبو تيمور الحد الادنى من الإنسجام
مع السياسة الإيرانية في لبنان ومع حزب الله أيضا .
وليد جنبلاط ليس ضائعا ولا يبحث عن موقع وعن دور
فهو يعرف ما يريد تماما ، ولكنه يخشى العواصف الكبرى والأعاصير المدمرة التي قد
تطيح ب(الأشياء الصغيرة) ... ومن جهة ثانية يبدو وليد جنبلاط مهتما أكثر من أي وقت
مضى بوليده تيمور الذي يجب ان يبلغ شاطىء الأمان من زمن العواصف والأعاصير .
أيمن حجازي