العدد 1639 /20-11-2024

وصل العدوان الصهيوني على الآراضي اللبنانية الى ذروة شاهقة انعدمت فيها الأهداف العسكرية لهذا العدوان ، وتحولت عمليات الطيران الإسرائيلي الى تدمير إنتقامي في البيئة الحاضنة للمقاومة الإسلامية ليس إلا . حيث غابت المبررات الأمنية والعسكرية والقتالية لدك أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت ومدن صور والنبطية وبعلبك وقتل أبنائها والشخصيات الإجتماعية فيها . ويلاحظ في هذا الصدد أن استهداف مدينة النبطية على سبيل المثال أدى الى تدمير أكثر من ثمانين بالمئة من سوقها التجاري وأسقط ربع مجلسها البلدي شهداء بمن فيهم رئيس البلدية الطبيب الشهيد أحمد كحيل.

وهذا ما أدى الى وقوع مجزرة متنوعة ومتحركة بلغ تعداد شهدائها وفق وزارة الصحة اللبنانية أكثر من ٣٥٠٠ شهيد عبر أكثر من خمسين يوما من العدوان الصهيوني بينهم أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله والرجل الثاني في الحزب السيد هاشم صفي الدين ومعاونه الشيخ نبيل قاووق فضلا عن عدد كبير من القادة العسكريين والميدانيين البارزين في تاريخ الحزب . وهذا ما دفع برئيس الوزراء الصهيوني الى تكرار المفاخرة بهذا الإنجاز التاريخي لدولة إسرائيل في مواجهة اطر العمل المقاوم التي خيضت معها الحروب الشرسة . وعلى الرغم من هذا الواقع السلبي ، فإن المقاومة الإسلامية تمكنت وخلال عشرة أيام من إستعادة زمام المبادرة وتفعيل الحركة الميدانية التي ترجمت تصديا ناجحا وناجعا للحرب البرية التي أعلن الصهاينة شنها داخل الأرض اللبنانية حيث تكبد الجيش الصهيوني خسائر فادحة دفعته الى تعديل خططه الميدانية أكثر من مرة . وأظهرت القادة الصهاينة في مواقف تلفزيونية حرجة ، حيث نقلت الشاشات وزير الدفاع الجديد كاتس وهو يقول بأن هدف قواته نزع سلاح حزب الله في لبنان ... ما دفع رئيس أركان الجيش الصهيوني هاليفي الذي كان حاضرا الى النظر الى خليفة غانتس الجديد نظرة استغراب واضحة وجلية أعقبها تدليك لا إرادي لخده الأيسر من أصابعه التي تحركت إحتجاجا على عدم إستيعاب وزير الدفاع الجديد لمعطيات الساحة العسكرية القائمة والميدان . وهذا ما تطلب تحليل بسيكولوجي طبي لحركات رئيس الأركان ومعانيها القريبة والبعيدة . وهاليفي هذا هو المعني الأول بوقائع الميدان الزاخرة بخيبات الحرب البرية ، وفشل الصواريخ الإعتراضية في الحؤول دون وصول صواريخ المقاومة الى حيفا وعمقها السكاني الواسع ، والى تل أبيب وصفد وغيرها من المناطق التي تبعد أكثر من مئة كيلومتر عن الحدود اللبنانية . ناهيك عن الطائرات المسيرة التي باتت تتجول في فضاءات المواقع العسكرية والتجمعات التجارية والصناعية والسكانية دون ان تتمكن الوسائل العسكرية الصهيونية من ردعها ردعا فاعلا . حتى تمكنت تلك الطائرات من الوصول الى منزل نتن ياهو في منتجع قيسارية والى موائد الضباط وجنود النخبة من لواء غولاني المميز الذي تفاخر به الدولة الصهيونية ألوية النخبة في جيوش العالم .

هذا الواقع المعيب عسكريا حاولت القيادة العسكرية إخفاءه والتستر عليه عبر التوحش في غارات الطيران التي نالت من المدنيين كما سبقت الإشارة . في الوقت التي أجبرت فيه القيادتان العسكرية والسياسية الى تحريك ماكينة الديبلوماسية الأميريكية الحليفة لإيجاد حل على الجبهة اللبنانية يحفظ ماء الوجه الصهيوني ويغلف الفشل الميداني المتعدد الوجوه ويتستر عليه . فتحرك مجددا المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين وعاد الى أوراقه القديمة التي كان قد توصل اليها مع الرئيس نبيه بري قبل فترة من الزمن والتي أخذت عنوان القرار الدولي ١٧٠١ . وقد حاول بعض من الداخل اللبناني فرض مروحة من القرارات الدولية وفي طليعتها القرار١٥٥٩ الذي يراد منه التضييق على مقاومة حزب الله وعلى وجوده السياسي والميداني على الساحة اللبنانية . وفي موازاة ذلك حاولت القيادة الصهيونية فرض إضافات متعددة على ال ١٧٠١ من مثل ايجاد حق للكيان الصهيوني في إتخاذ خطوات عسكرية معادية داخل الآراضي اللبنانية في حال حصل ما يمكن اعتباره خرقا من قبل المقاومة لل١٧٠١ . وهنا خيضت معركة شرسة وحامية الوطيس أحبطت فيها الأصوات الداخلية المتناغمة مع العدو الصهيوني من " جماعة ال١٥٥٩ " ، ورفضت فيها كل محاولات الإضافة القذرة لل ١٧٠١ من قبل الهارب من غرفة نومه في قيسارية المخترقة من قبل مسيرات المقاومة .

المعضلة الديبلوماسية الحالية الكبرى التي يسعى هوكشتاين الى فكفكة عقدها تكمن في إسقاط طموحات نتن ياهو التي تمنحه حق التدخل العسكري في لبنان ساعة يشاء ... فإن تم التحرر من هذه الرغبة الصهيونية التي تنتهك السيادة اللبنانيةوتسقط الوطن فإن مهمة هوكشتاين قد تنجح وإلا فإن الحرب الصهيونية مستمرة والتصدي الجهادي المقاوم مستمر أيضا .

ايمن حجازي