العدد 1516 /15-6-2022
كان من المفترض أن تلي الإنتخابات
النيابية وملحقاتها في رئاسة المجلس واللجان النيابية ، خطوة الإستشارات النيابية الملزمة
التي تفضي الى تكليف رئيس للحكومة وفق الأعراف الدستورية المعتمدة . ووفق هذه الأعراف
نفسها لم تشهد العملية السياسية المتعلقة بتلك الإستشارات تلكؤا كالذي حصل ويحصل في
عهد الرئيس ميشال عون . فالعهد يسعى الى مزيد من التأثير في عملية اختيار رئيس الحكومة
وفي تفاصيل تشكيل الحكومة من خلال بدعة التشكيل قبل التكليف ما يؤدي الى قدوم رئيس
الحكومة وهو مثقل بالشروط التي نصبها أمام عينيه النافذون في القصر الجمهوري وفي مقدمهم
جبران باسيل . ولا يخفى على أحد أن القواعد الدستورية توجب ان يكون التشكيل الحكومي
وفق استشارات نيابية غير ملزمة يجريها الرئيس
المكلف ويحاسب عليها في المجلس النيابي من خلال منح الثقة او حجبها للحكومة المشكلة
. وقد اعتاد اللبنانيون على المسارعة في الدعوة الى إحراء الإستشارات النيابية دون
تباطؤ أو تأجيل وهذا ما كان سائدا ومعمولا به في كل العهود الرئاسية السابقة قبل الطائف
وبعده .
ويلاحظ أن جبران باسيل المرشح
للإنتخابات الرئاسية القادمة ، والخاسر لثلث كتلته النيابية في انتخابات ١٥ أيار الماضي
لم يعدل في أساليبه المتعجرفة التي يمارسها حتى مع الرئيس" الوديع " نجيب
ميقاتي فوصفه على الهواء مباشرة بأنه ( قاتل حالو حتى يرجع على رئاسة الحكومة ولكنه
يتدلع ) ثم عاد وكال له في موضوع ترسيم الحدود البحربية الجنوبية وطلب منه ان يزيح
إذا كان لا يريد ان يتخذ الموقف المطلوب في قضية كاريش . ومن خلال المس بالرئيس ميقاتي
استفز باسيل الجو الطرابلسي من خلال النيل من إحدى زعاماته ليعمد رئيس التيار الوطني
الحر الى استنفار مئات من الجنود اللبنانيين لتأمين حراسة له في حال أراد أن يزور عاصمة
الشمال بينما خصمه السياسي سامي الجميل جال منذ بضعة أشهر مع زوجته في أسواق طرابلس
الداخلية دون ان يحتاج الى أي حراسة أمنية مدججة . يحصل كل ذلك من غير أن يستفيد صهر
العهد اي استفادة إيجابية من كل هذه المعطيات وكأنه يصر على الإطلالة الشامخة نحو مناطق
الوطن من منزله في اللقلوق الشاهقة فيصبح قصر بعبدا وطرابلس وباقي أرجاء الوطن دونه
حتما .
وها هو الشهر الأول قد مر
وعبر الزمن اللبناني على إجراء الإنتخابات النيابية دون ان يحرك القصر الجمهوري ساكنا
حيال الإستشارات النيابية الملزمة . ما يشكل سابقة عرفية مبتدعة لها تداعيات استفزازية
على المستويين الطائفي والمذهبي وفي ظل أوضاع غير صحية شهدتها الإنتخابات النيابية
الأخيرة وكانت مقاطعة تيار المستقبل لتلك الإنتخابات إحدى مفرداتها السلبية .
إن المعضلة الكبرى القادمة
بعد كاريش ، تكمن بلا أدنى شك في الإنتخابات الرئاسية القادمة التي اعتدنا على تحولها
الى فراغ رئاسي كما حصل في عامي ٢٠٠٧ و٢٠١٤ في حال لم يتم التوافق على رئيس عتيد للبلاد
. والتوافق المشار اليه بعيد جدا في ظل التعقيدات المحلية والإقليمية والدولية المحدقة
بلبنان . في حين يستسهل البعض القضية ويقول بأن التسوية الداخلية والخارجية جاهزة للولادة
والحياة من خلال الإتفاق على شخصية قائد الجيش الجنرال جوزف عون كرئيس للجمهورية ليجنب
البلد كل المحاذير التي تستولدها الخيارات الأخرى ( جبران باسيل ، سليمان فرنجية ،
سمير جعجع ، و ... و ... ) . ويعتقد البعض جازما أن ما ورد في المقطع الأخير لا يخلو
من التعسف على الحقائق ولا يبعد عن كونه إختزال مشوه وتبسيط ساذج للواقع السياسي اللبناني
. ولكنني مصر على إيراده في هذه العجالة على اعتبار أنه هلوسة مشروعة تبيحها القوانين
اللبنانية المرعية الإجراء .
أيمن حجازي