العدد 1584 /18-10-2023
أيمن حجازي
تتصاغر السياسة المحلية اللبنانية أمام هول ما
يجري في قطاع غزة من مجازر صهيونية كبيرة ترتكب بحق الشعب الفلسطيني . وتصبح
المواكبة التضامنية المتحركة على الجبهة اللبنانية أمرا طبيعيا وبديهيا في ظل
ميزان القوى القائم التي تحشد فيه الولايات المتحدة الأمريكية كل قواها لتعديله
لمصلحة الكيان الصهيوني الغاصب .
فبعد عملية طوفان الأقصى التي وجهت ضربة مزلزلة
للبنية العسكرية الصهيونية صار لزاما على الرعاة الأمريكيين ان يهرعوا الى المنطقة
للحؤول دون وقوع التداعيات المرعبة لهذه العملية التاريخية التي نفذتها القوة
العسكرية لحركة المقاومى الإسلامية حماس . فالإدارة الأميريكية تناست كل مشاغلها
الدولية الممتدة من اوكرانيا الى بحر الصين والتفتت الى منطقة الشرق الأوسط حيث
الولاية " الأميريكية الثالثة والخمسين " باتت مهددة في أمنها ووجودها
وكيانها المصطنع . و سبقت حاملات الطائرات الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته
بلينكن الى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ،حتى يتم ردع المقاومة اللبنانية
وحزب الله وإقناعهم بعدم التدخل في حرب طوفان الأقصى . وقد أرتكبت في سياق حملة
الدعم الأمريكية مجازر عدة وصلت الى ذروتها في مجزرة المستشفي الأهلي المعمداني
حيث كانت الحصيلة رقما بشريا متصاعدا وغير مسبوق تمثل في سفك دماء أكثر من خمسمئة
فلسطيني كانوا متواجدين على مدخل تلك المستشفى .
صحيح أن الوضع على الجبهة اللبنانية بات تفصيلا في
ظل هذا الإمعان الوحشي العنصري في ارتكاب المجازر ، إلا أن الواقع على الأرض لا
يشي بذلك حيث تنطوي التطورات التصعيدية على هذه الجبهة على توسع وامتداد إقليمي في
حرب الطوفان المشار اليها . ويمكن ملاحظة الجهود الأميريكة والصهيونية المبذولة
للحؤول دون تحول المواجهة الحالية الى حرب إقليمية . فكانت الجهود الأميركية على
شكل اتصالات مكثفة مع العديد من دول المنطقة التي تحتفظ بعلاقة إيجابية مع إيران
لإقناعها بعدم التدخل بما هو حاصل عل أرض فلسطين وبالتي إقناع حزب الله أيضا بنفس
الموقف .
أما عن الجهود الصهيونية المبذولة في هذا الصدد ،
فإنها تظهر من خلال ردود الفعل الصهيونية الباهتة على النشاطات العسكرية التي تقوم
بها حركتي حماس والجهاد الإسلامي إنطلاقا من الجبهة اللبنانية وهذا أمر لم نعهده
في السياسة الصهيونية من قبل . خصوصا عندما تطال هذه النشاطات المستوطنات
الصهيونية في شمال فلسطين وليس المواقع العسكرية فقط . وهذا ما يمكن وضعه في سياق
إنسكار العنجهية الصهيونية التي اعتدنا عليها خلال ٧٥ عاما من عمر الكيان الصهيوني
المتغطرس . هذا الكيان الذي يريد ان يتفرغ لقطاع غزة وأن يتفرد بحركة حماس التي
فاجأتهقدراتها العسكرية وتخطيطها ودأبها ما أدى الى النجاح الباهر في عملية طوفان
الأقصى وتحقيق ذلك النصر المؤزر . وهو نصر حلم به الشعب الفلسطيني وحلمت به أمتنا
العربية والإسلامية منذ عشرات السنين .
في لبنان تتصاغر الهموم السياسية المحلي لأن النصر
المقاوم كبير ولأن الجريمة الصهيونية كبيرة أيضا . فالنصر كبير لأن الصهاينة
مغلوبين ولأن الأمريكيين مسكونين بالخشية الكبيرة على مصير الكيان الغاصب ، وكلا
الطرفين قد لجأوا الى خيار الإرهاب والمجازر الدموية الفاضحة بغية إخافة الشعب
الفلسطيني وكل قوى الجهاد والمقاومة في منطقتنا العربية والإسلامية .
إن الصهاينة والأمريكيين لم يعد في جعبتهم اليوم
إلا آلات الذبح والقتل والتوحش والعنصرية وذلك بعد أن نفذت كل الألاعيب السياسية
الباهتة . إن أمريكا والكيان الغاصب يحاولون تحصين أنفسهم بالمجازر ... فهل تؤمن
لهم هذه المجازر الحصانة ؟
أيمن حجازي