العدد 1656 /19-3-2025
ايمن حجازي
مما لا شك فيه أن الساحة السياسية اللبنانية تشهد
حالة تطرف مشهود في صفوف اليمين اللبناني السابق الذي يصر رموزه السياسيين
والإعلاميين على طرح مسألة سلاح المقاومة اللبنانية تحت مسمى سلاح حزب الله .
فالطريقة التي يعالج فيها الرئيس جوزيف عون هذه القضية لا تلبي طموحات هذا الفريق
الذي يلح على مراكز السلطة اللبنانية كي يتجهوا بهذا الإتجاه . وحيث يبدو أن
المطلوب الآن الإقدام على طرح خطوات تثير الإنقسام الداخلي قد تفجر الحكومة
الحالية من الداخل . وتبرز هنا المبالغة في توريط بعض القوى الإقليمية والدولية في
إشتراطات مبالغ فيها تفرض على الدولة اللبنانية ، ربطا بتحقيق حسم موضوع السلاح
المقاوم . ويجري الحديث هنا عن ترويج لمواقف فرنسية وسعودية ومصرية تتشدد في هذا
الموضوع . وذلك بغية الضغط على رئيسي الجمهورية والحكومة ودفعهما بالتالي الى
مسايرة أولئك المتطرفين والإنسجام مع رغباتهم الواضحة . ففي جلسة مجلس الوزراء
التي عقدت يوم الخميس الماضي الواقع في الثالث عشر من أذار الجاري طرح وزراء حزب
القوات اللبنانية موضوع سلاح المقاومة ولكن الأمور اتجهت نحو تأجيل فتح هذا الملف
.
وبدلا من ان تدفع الخروقات الإسرائلية اليومية ضد
الآراضي اللبنانية اولئك المتطرفين الى المطالبة بإلتزام الجانب الإسرائيلي بتنفيذ
القرار ١٧٠١ والإلتزام بما تم الإتفاق عليه في اعلان وقف العمليات العدائية الذي
تم التوصل اليه في ٢٧ تشرين الماضي ، نراهم يطالبون الجانب اللبناني ويرهقونه بمطالب
ما يسمى نزع سلاح المقاومة اللبنانية . وتبدو حماسة بعض أولئك المتطرفين تتجاوز
حماسة بعض الأطراف الدولية والإقليمية المشار اليها ، والتي قد تتفهم حراجة مراكز
السلطة اللبنانية تحت عنوان تفهم التعقيدات الطائفية والمذهبية اللبنانية . ويجنح
هؤلاء أكثر واكثر عندما يتهجمون على مواقف بعض الأصوات الحكومية الداعية الى
التأني في معالجة ما هو مطروح فنائب رئيس
مجلس الوزراء طارق متري لم ينجو من الإنتقادات عندما اراد عقلنة معالجة موضوع
السلاح المقاوم والإلتفات الى مكونات الساحة اللبنانية السياسية والطائفية .
ولكن المعضلة الأكبر ستبرز حقيقة في تهافت مطلب
نزع السلاح ، حيث الطرف الصهيوني ينظر الى الموضوع من ناحية الوجود المقاوم بشكل
جذري . فالمقاومة اللبنانية وجدت من خلال تحركات شعب كان يبدو مجردا من السلاح ،
وهذا حال المقاومة الفلسطينية أيضا . وبهذا المعنى فإن المقاومة وجدت قبل امتلاك
الصواريخ والمسيرات والمدفعية الثقيلة وهي على علاقة مباشرة بوجود الناس والبشر
الذين ينتمون الى هذا الوطن وينتمون الى هذه الأمة . ولأن العدو الصهيوني يدرك هذه
الحقيقة ، فإنه يعمد الى إزالة الوجود البشري والعمراني في شريط حدودي لم يعلن عنه
حتى هذه الساعة وذلك ما قد يطمئن مستوطنو الشمال الفلسطيني المحتل ويقنعهم بالعودة
الى المنازل التي كانوا يقطنونها . وهذا ما شاهدناه وعايناه في عشرات القرى والبلدات الأمامية التي محي فيها
الوجود العمراني ويحال دون إعادة هذا الوجود ولو بقدر يسير ... ولو من خلال بيوت
جاهزة تم تدمير بعضها في الأيام الأخيرة دون أي مسوغ أمني صهيوني .
إن المطلوب ليس نزع سلاح المقاومة الذي قد يوجد في
ترسانات حديدية ، بل المطلوب نزع إرادة المقاومة والجهاد والشهادة من عقول وقلوب
أبناء لبنان وفلسطين كل دولة المنطقة .
إن المطلوب زرع تناقضات داخلية في أوطاننا وقيام
تناحر داخلي يصرف الناس والبشر عن التفكير بتحرير إرادتهم وأرضهم وثرواتهم وقرارهم
السياسي الحر وتحويل شعوب المنطقة الى " غوييم " في خدمة شعب الله
المختار ... وهذا هو المضمون الحقيقي " للشرق الأوسط الجديد " الموعود
وفق الرؤية الصهيونية.
أيمن حجازي