العدد 1625 /14-8-2024
ايمن حجازي

المنطقة ما زالت تغلي على صفيح ساخن ، والمواجهة العسكرية الموعودة باتت حتمية ولكن التقديرات تختلف في تحديد أسقفها والمديات المفتوحة أو المغلقة لإحتمالات دخول الوسطاء للجم اوار اصطدام إيراني - إسرائيلي مفترض على خلفية إغتيال القائد إسماعيل هنية والقائد فؤاد شكر . وقد تعددت السيناريوهات المطروحة وتشعبت إحتمالاتها . فكان البعض يفترض ردا مشتركا بين إيران ولبنان واليمن والعراق ، والبعض الآخر يرجح الردود المنفردة ... أما التداول الأخير المطروح في الساحتين الدولية والإقليمية فقد تمحور حول مقايضة الردود ضد الكيان الصهيوني وبين التوصل الى إتفاق لوقف اطلاق النار في غزة .

وقد قيل في هذا الشأن كلاما كثيرا ، مفاده أن دماء القائدين هنية وشكر مرشحة لأن تفتدي غزة المنحورة بالسكين الصهيونية الأميريكية . وهما قائدان كانا معنيان بالدفاع عن غزة والإستبسال في الدفاع عنها . إلا ان الآراء المقاومة ليست موحدة على هذا الصعيد حيث يصر فريق من المقاومين على الفصل بين الرد على جرائم الصهاينة المرتكبة في طهران وفي الضاحية الجنوبية لبيروت وبين مآلات الصفقة التي قد تتم بين الصهاينة ومقاومو غزة الميامين . وقد شهدت المنطقة وبحارها إزدحاما في الأساطيل الغربية والأميريكية على وجه التحديد ، التي احتشدت دفاعا عن الكيان الخائف الذي أقفل مطاره الرئيس (مطار بن غوريون ) لأيام وليال خشية إستهدافه من قبل المقاومين . وقد بات واضحا أن حسابات القادة الصهاينة طموحة جدا ، وهي تتطلع الى جر الولايات المتحدة الأميريكية وحلفائها الغربيين الى مواجهة شاملة مع إيران توجه من خلالها ضربة قاصمة الى المنشآت النووية الإيرانية . ما يشكل طموحا مشتركا بين بنيامين نتن ياهو ودونالد ترامب . ويمكن لنت ياهو من خلال ذلك إزالة آثار الهزيمة البينة والصريحة التي لحقت بالقيادات الصهيونية السياسية والأمنية والعسكرية من جراء ملحمة طوفان الأقصى . فالتخلص من البرنامج النووي الإيراني طموح كبير قد يوازي الإنتصار الفلسطيني الكبير في السابع من أكتوبر . وهذه مسألة استراتيجية بالغة الدقة تهجس بها القيادة الصهيونية والإدارة الأميريكية على حد سواء .

... هناك مراقبون كثر يرجحون أننا على أبواب حرب شاملة تختلط فيها الأوراق وتتداخل فيها الأزمات الدولية الممتدة من أوكرانيا الى تايوان ... وإنتهاء بفلسطين ويشترك فيها الأطراف الدوليون الأميريكيون والروس والصينيون والإنكليز والفرنسيون والإيرانيون والأتراك و... ولا يعترف هؤلاء المراقبون بالضوابط القائمة في الساحة الدولية بين هذه القوى . حيث يعتقد البعض أن حربا كالحرب الروسية الأوكرانية قد أطاحت بالكثير من هذه الضوابط التي بات الوهن يتسلل الى أروقتها . وأن الصراع التي أؤيد له ان يكون إقتصاديا وتكنلوجيا إثر الحرب الباردة ، يتجه الى التطور وبسرعة متزايدة . وأن معضلة شائكة كقضية تايوان بين بكين وواشنطن تفتح أبواب الصراع العسكري بقوة بين الجانبين . وحيث يقرأ الأميركي والغربي الدعم الصيني لروسيا في أوكرانيا بمثابة حلف راسخ بين الجانبين يترجم فعليا بتمويل صيني واضح للحرب الروسية في أوكرانيا . هذا في الوقت الذي يعتبر فيه الجانب الروسي أن الإختراق الأوكراني للأرض الروسية يشكل نوعا من أنواغ الغزو الأميركي والغربي للكيان السياسي الروسي .

إن هذه التعقيدات الدولية تضفي على التطورات الأخيرة بين الكيان الصهيوني ومحور القوى المقاومة العربية والإسلامية طابعا أكثر خطورة قد تقود الى إحتدام عسكري مشهود . ولكن ذلك كله لا ينفي وجود حسابات دقيقة لدى العديد من قوى المقاومة ومن القوى الدولية الأخرى وفي مقدمها الصين التي تتميز ديبلوماسيتها بالتعقل والرزانة والبعد عن الإنفعال والعواطف . وهي ديبلوماسية باتت فعالة في ممارسة دور الشريك للقوى المقاومة العربية والإسلامية وللسياسة الروسية أيضا . وهذا ما ترجم من خلال الإتفاق السعودي الإيراني الذي وضع حدا للتصعيد السياسي بين الرياض وطهران ، ومن خلال اللقاء الفلسطيني الشامل الي عقد قبل بضعة أسابيع في بكين .

خلاصة القول ان موسكو وبكين لا يدفعان الأمور في المنطقة بين الصهاينة وقوى المقاومة العربية والإسلامية نحو التصعيد .