مذبحة غزة : ماذا عن النفط العربي ؟
العدد 1673 /23-7-2025
المشهد
في غزة ثقيل جدا ، تتعطل فيه الكلمات والتعابير وتسقط على أعتابه المصطلحات
السياسية والأيديولوجية والإنسانية . ويدان من خلاله الجنس البشري الصامت
والمتواطىء والشريك والمتواري الذي يختبأ خلف المفردات المتنوعة . ويلحقنا نحن
العرب والمسلمين الذل والعار لعجز الأمة وحكامها عن الإقدام على أي خطوة من
الخطوات المتوجبة . وأول ما يتوجب على أصحاب العروش أن يتراجعوا عن تكليف جيوشهم
بحراسة حدود الكيان الغاصب . وبعض هؤلاء تفاخر بالأمس القريب بالمشاركة في إسقاط
الصواريخ الإيرانية المتجهة الى فلسطين المحتلة خلال المواجهة الإيرانية -
الإسرائيلية الأخيرة .
... ذل وعار وشنار ، يلحق بنا ونحن أصحاب ثروات
طبيعية هائلة ، وبلادنا تمسك بممرات مائية استراتيجية يمكن لها أن تعطل التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية .
أما أموال نفطنا فمودعة في البنوك الأميريكية والأوروبية حيث يمكن أن يؤدي تحريك
جزء منها الى هز اقتصادات الدول الداعمة لصهاينة بني اسرائيل وقتلة الشعب
الفلسطيني واللبناني والسوري والمصري والأردني ... وهذه هي تجربة حرب تشرين (
أكتوبر ) ١٩٧٣ ماثلة أمامنا حين أقدم بعض الحكام العرب على قطع النفط عن الغرب
الأوروبي والأمريكي . وصرنا نشاهد رؤساء حكومات أوروبية يتجهون آنذاك الى مقراتهم
الرسمية على دراجات هوائية . فإذا سايرنا حكامنا بأنهم عاجزون عن مواجهة القوة
العسكرية الصهيونية ، فليس أقل من اللجوء الى وسائل ضغط اقتصادية متاحة . لقد كان
موقف المقاطعة النفطية العربية في حرب ١٩٧٣ تاريخيا ومشرفا . وقد دفع العاهل
السعودي فيصل بن عبد العزيز حياته ثمنا لهذا الموقف حين أقدم أحد أفراد العائلة
الملكية " المختلين عقليا " وفق التوصيف الأميركي في ربيع عام ١٩٧٥ أي
بعد الحرب بسنة وبضعة أشهر على اغتيال الملك فيصل الذي كان له الدور الأكبر في
إنجاز المقاطعة النفطية تلك .
أما
في زمن المذبحة الغزاوية الحديثة فلا فيصل يوجد ولا رجل ثابت يبرز متصديا لهذه
الوحشية الصهيونية التي تفعل فعلها الدامي في غزة هاشم وتقتل وتجرح وتدفن مئات
الآلاف من الفلسطينيين . وذلك تنفيذا لقرار صهيوني - أميريكي مشترك يقضي بمعاقبة
كل من ساهم او رحب أو صفق او فرح لعملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين ٢٠٢٣ .
وذلك في محاولة واضحة لنزع فكرة المقاومة من عقول وقلوب أبناء هذه الأمة المترامية
الأطراف . وتترافق هذه المذبحة الغزاوية الحديثة مع مخططات تقسيمية وتفتيتية قابلة
للتنفيذ في عدد من دول الطوق . وقد كانت آخر تجليات هذه المخططات ما جرى في منطقة
السويداء السورية حيث وجد الجانب الصهيوني ذريعة للتدخل المباشر . هذا التدخل
الذي تمظهر بمطالبة رئيس الحكومة
الصهيونية بإقامة منطقة منزوعة من السلاح في جنوب سوريا . في الوقت الذي استغل فيه
هذا العدو إشتباكات السويداء لتدمير مبنى رئاسة أركان الجيش السوري بالإضافة الى
تدمير بنى عسكرية اخرى تابعة للجيش السوري . والأخطر من ذلك كله هو دخول الشيطان
الصهيوني الى تأجيج الخلاف في السويداء وإعطائه طابعا مذهبيا درزيا - سنيا مقيتا .
مذبحة
غزة تكتمل فصولا والضغط العسكري والأمني والتجويعي قد يهدف الى دفع الوضع باتجاه
الإنفجار المفضي الى خرق بعض النقاط على الحدود المصرية - الإسرائيلية من أجل
تهجير أكبر عدد من سكان القطاع الى سيناء او بعض المناطق المصرية الأخرى . فتهجير
أهل غزة وطردهم من القطاع ما زال هدفا صهيونيا يرواد أحلام بعض القادة الصهاينة
والأميريكيين على حد سواء . وطموح الرئيس الأميركي ترامب بإحتلال غزة وجعلها مرفقا
سياحيا عالميا قائم وقد عبر عنه بكل وضوح في بداية ولايته الرئاسية الثانية .