العدد 1638 /13-11-2024
ايمن حجازي

تحتدم الحرب على ساحة لبنان بين الجيش الصهيوني والمقاومة اللبنانية في الميدانين العسكري والديبلوماسي .ويسقط من جرائها مئات الشهداء تحت وطأة الرغبة الصهيونية في سحق البيئة الحاضنة للمقاومة أمنيا واقتصاديا وحياتيا وصحيا وبشريا بغية الوصول الى إرغام المقاومة على الرضوخ للشروط الإسرائيلية المتنوعة . وعلى الرغم من دخول الحرب البرية الإسرائيلية مرحلة " الشردقة " التي لم تتمكن من خلالها من ابتلاع أي مساحة معتبرة من الأرض اللبنانية ، فإن الغارات الإنتقامية الصهيونية استمرت لتدك أبنية الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت وللعديد من المدن والحواضر الجنوبية والبقاعية التي قتل بعض رؤساء بلدياتها ووجوهها الإجتماعية دون أي رادع.

وترافقت الأحاديث عن توسعة الحرب البرية مع أحاديث أخرى عن جهود ديبلوماسية تبذل من أجل التوصل الى وقف الحرب وليس الى مجرد وقف لإطلاق النار . وكان جديد هذه الأحاديث هو إدخال الجانب الإسرائيلي للعامل الروسي في الوساطات المبذولة من أجل التوصل الى حل ما . ويأتي في هذا السياق زيارة قيل أنها حصلت لوزير الشؤون الإستراتيجية الصهيوني رون ديرمر وقد أتبعت بزيارة مماثلة الى واشنطن . وقد علل الإشراك الإسرائيلي للعنصر الروسي في الجهود الساعية الى إيقاف الحرب الى النفوذ الروسي في سوريا ما يمكن موسكو من لعب دور ضامن للرغبة الصهيونية في قطع طريق الإمداد الإيراني الى حزب الله في لبنان عبر سوريا . ما يحول روسيا الى ضامن شريك للولايات المتحدة الأميركية في أي حل مقترح على الجبهة اللبنانية وحتى على جبهة غزة أيضا . وقد لمس بعض المراقبين من تلك الحركة الديبلوماسية الإسرائيلية لإشراك واستحضار العامل الروسي ، رغبة صهيونية في التخلص من العبء والضغط العسكري التي تشكله المقاومة اللبنانية ضد العمق الإسرائيلي . وهذا ما كان قد أشار اليه الأمين العام الجديد لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من خلال إشارته الى إيلام العدو ما يؤدي الى دفع أحد طرفي الصراع الى الصراخ أولا ...

أما في الأروقة والدهاليز الأميريكية التي تلت إعادة إنتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميريكية ، فإن المعلومات الديبلوماسية الواردة من واشنطن تفيد بأن الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين قد حصل على موافقة من ترامب لمتابعة مهمته بين لبنان والكيان الإسرائيلي . وأننا في المنطقة مرشحون لرؤية الرجل ثانية في بيروت وتل أبيب وبعض عواصم المنطقة . وأنه مخول بإضاعة الوقت حتى تنجز الآلة الصهيونية الأميريكية المزيد من المجازر التي تثلج صدور الصهاينة في تل أبيب والصهاينة الأصليين في واشنطن ولندن وباقي العواصم الغربية . هذا في الوقت التي تفيد بعض المعلومات الديبلوماسية النقيضة بأن بولس مسعد والد صهر دونالد ترامب ورئيس حملته الإنتخابية العربية الذي سيتولى الجانب اللبناني من التفاوض في ما يتولى مسؤول أميركي آخرالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي . وقد قيل أن بولس مسعد في صدد القيام بزيارة وشيكة الى الوطن اللبناني الأم للتباحث بما ينبغي من التباحث به تحقيقا للوعود الترامبية التي أطلقت في أحد المحافل الإنتخابية العربية قبيل الإنتخابات الأميريكية بقليل.

الرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط يرى أن الحرب طويلة ، وبالتالي فإنه يلغي أي طابع جدي على الوساطات القائمة أو بالأحرى مشاريع الوساطات التي يتم الحديث عنها ، والرهان على الميدان مايزال قائما . وبعض الساحة السياسية اللبنانية ما فتيء على رهاناته المواكبة للحرب وهي رهانات بلا ادنى شك رديئة جدا . وكعادتها فإن الساحة اللبنانية لا تخلو من مناكفات وصراعات جانبية حيث سجل استمرار التباين بين وزير الدفاع في الحكومة الحالية موريس سليم وبين قيادة الجيش اللبناني حول عدة ملفات أهمها توقيع سليم على قرار تعيين رئيس الأركان حسان عودة وتمرير قرار مجلس الوزراء تطويع عناصر اضافية في الجيش اللبناني .

ويبقى البحث جاريا وحثيثا عن إيقاف عداد الشهداء المتصاعد على يد الآلة العسكرية الإسرائيلية - الأميريكة المشتركة .

ايمن حجازي