العدد 1681 /17-9-2025
أيمن حجازي
الضربة
الإسرائيلية التي وجهت الى العاصمة القطرية الأسبوع الماضي أخذت المشهد المحلي
اللبناني نحو إتجاهات أخرى تعززت فيها عناصر التسوية المرحلية بين الرئاسات
اللبنانية الثلاث ، والتي كانت قد ابتدعت " الترحيب " التسووي للجلسة
الحكومية المنعقدة في السابع من أيلول الجاري . ولعل الضربة الإسرائيلية الفاشلة
التي وجهت الى قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس ووفدها التفاوضي في قطر ، قد
هدات الرؤوس اللبنانية الحامية التي كانت قد كشرت عن أنيابها في وجه المقاومة
اللبنانية ضد الإحتلال الصهيوني .
فالمشهد الدرامي - التراجيدي الذي أفرزته ضربة
الدوحة كان كبيرا الى حد أن أنظمة عربية مفرطة في الإعتدال وفي الجنوح الى التطبيع
مع الكيان الصهيوني باتت مدعوة الى مواقف سياسية تظهر فيها نكهة التماسك والصلابة
النسبية الظاهرية والتي تدور في الحلقة الديبلوماسية ولا تتجاوزها . وهذا ما أحرج
القوى التي جندت نفسها لشن حملات سياسية وإعلامية متنوعة ضد المقاومة اللبنانية
تحت عنوان نزع سلاح حزب الله أو السعي لتنفيذ مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة
اللبنانية . ولوحظ أن الأولويات
الإقتصادية والمالية لدى رئيس الحكومة والوزراء قد تقدمت على غيرها من الأولويات . فحفظ حقوق المودعين المهدورة وتضييق
الفجوة المالية وترتيب موازنة ٢٠٢٦ كلها أمور يمكن اللجوء اليها لملء الفراغ
الناتج عن التحييد الجزئي والمرحلي لموضوع سلاح حزب الله . وهذه من تداعيات إنعقاد
القمة العربية - الإسلامية في الدوحة والمخصصة لتضميد جراح البلد العربي الشقيق
الذي أصيب في سيادته المعلنة يوم الخميس الماضي . وقد شهد الرئيس جوزاف عون على
هذه التداعيات ذات الطابع الإعلامي والديبلوماسي دون الإنتقال الى اي حيز عملي
فاعل يمكن ان يؤثر على العربدة والتوحش الصهيوني المتمادي في غزة وفلسطين المحتلة
. وتجدر الإشارة هنا الى أن من التداعيات اللبنانية لتلك القمة المبجلة هي لقاءات
الرئيس عون مع عدد من رؤساء وأمراء الدول المشاركة وفي مقدمهم الرئيسين الإيراني
والسوري ، حيث تم التطرق الى العلاقات الثنائية بين لبنان وتلك الدول . وقد كانت
الأجواء إيجابية على الرغم من وجود نقاط خلاف سياسية بين لبنان وبعض الأطراف
الأخرى . وكانت الإبتسامات اللبنانية - الإيرانية هي الطاغية على مشهد اللقاء
اللبناني - الإيراني المشار اليه . وهذا ما يفترض أن يؤدي الى تنفيس بعض الإحتقان
اللبناني القائم في دهاليز السياسة اللبنانية الضيقة .
لا
يسع المراقب السياسي في لبنان أن يعرب عن ارتياحه الكبير او الحاسم حيال المعضلة
اللبنانية القائمة ، لأن الطرف الأساسي الممسك بمقود التصعيد والتخريب في لبنان
وفلسطين والمنطقة لا زال يعيش حالة زهو وغطرسة خيالية . جراء الدعم الأميريكي
المطلق وغير المسبوق ، وبفعل الخطوات المتعددة التي اتخذت ضد قادة المقاومة
اللبنانية والفلسطينية وأدت الى استشهاد عدد كبير منهم وهذا ما أشعل نار الغرور
والجنون في عقول القادة الصهاينة . هؤلاء القادة الذين باتوا يجاهرون بالسعي الى
إقامة إسرائيل الكبرى التي تهيمن على دول المنطقة العربية والإسلامية وتتحكم
بقراراتها وتنهب ثراوتها لمصلحة الكيان الغاصب والولايات المتحدة الأميريكية .
ويدخل
لبنان الرسمي في هذه الأثناء في خضم المنبر الدولي - الأممي المخصص للإجتماعات
السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة ، حيث يفترض أن يطل رئيس الجمهورية اللبنانية
جوزاف عون من على منبر الأمم المتحدة طارحا كل إشكالات العلاقات الدامية بين
لبنان والكيان الصهيوني الغاصب . ولا مانع
عند القوى التي جندت نفسها لإعلان الحرب على المقاومة اللبنانية أن تقطع الوقت
وتتلهى ببعض الأمور المتعلقة بالقانون الإنتخابي وتحديدا بند إقتراع المغتربين حيث
يتقمص هؤلاء على الدوام شخصية المدافع والمنافح عن حقوق المسيحيين في لبنان . وذلك
بديلا عن خوض المنازلات لنصرة العمل على تحقيق حصرية السلاح اللبناني بيد الدولة
اللبنانية .
لا
ريب أن هرطقات السياسة اللبنانية لا ترتقي الى عمق الجريمة التاريخية التي ترتكبها
أميركا وإسرائيل وحكام العرب والمطبعين بمن فيهم الفريق السياسي اللبناني المعادي
للمقاومة اللبنانية وللتضامن مع شعب غزة
وأهل فلسطين . فهذه الجريمة كبيرة وكبيرة
جدا تستفز كل المخلوقات البشرية التي تمتلك الحد الأدنى من الحس الإنساني المفتقد
لدى العديد من ساسة لبنان ونوابه المسلمين والمسيحيين على حد سواء ودون تمييز
طائفي بين الذين تبلدت مشاعرهم . تحية لك يا غزة ولو كنا في خضم معالجة موضوع
سياسي لبناني قد يبدو منفصلا عن هم غزة ... وهذا الإنفصال ليس صحيحا أبدا.
أيمن حجازي