العدد 1641 /4-12-2024
ايمن حجازي

لم تضع الحرب أوزارها ، ولا هي انتهت الى نتائج حاسمة ، بل إن عوامل تضافرت دفعت بالأمور كي تتجه الى توقف الأعمال الميدانية المدمرة في لبنان وفلسطين المحتلة . تأتي في طليعة هذه العوامل مهمات " الإيلام " التي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بعد توليه مهام الأمانة العامة للحزب . قد يكون الحجم الصهيوني للمجازر في لبنان أكبر بكثير من حجم الأذى الذي أصاب الكيان الصهيوني من جراء ضربات المقاومين اللبنانيين . ولكن قدرة المجتمع الصهيوني الموعود بالعسل والبخور في أرض الميعاد ، أقل من قدرة شعبنا على تحمل المصاعب والآلام .

لقد نالت المقاومة الإسلامية اللبنانية المتلاحمة مع المقاومة الفلسطينية من بنية المجتمع الصهيوني في كل المجالات العسكرية والإقتصادية والإجتماعية والمعنوية المختلفة . وهم نالوا منا أيضا إلا أن الحروب مع الصهاينة ، منذ أن أشرقت شمس المقاومة باتت باهظة الثمن . و هذه الحقيقة لا تظهر جلية لأن الدعم الغربي الأوروبي والأمريكي غير المحدود كان كفيلا بتغطية كل ما يصيب الكيان الغاصب من ضربات وخسائر وويلات من جراء عمل المقاومتين اللبنانية والفلسطينية . وقد كان الإتفاق على وقف إطلاق النار صعبا وعسيرا . أما تطبيقه وتنفيذه فكان مفعما بالعجرفة الصهيونية التي تجسدت بعدد كبير من الخروقات البرية والجوية الى ما وراء شمال نهر الليطاني . في محاولة واضحة من قبل رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتن ياهو ، بالإيحاء في أنه في الموقع الأقوى بعد أن وجه ضربات قاسية الى قيادة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وأدت في ما أدت اليه الى استشهاد السيد حسن نصر الله في لبنان والقائد يحي السنوار في فلسطين . وعلى الرغم في هذا المشهد غير المتوازن فإن المقاومة الإسلامية في لبنان ردت على هذه الخروقات المتعجرفة بقصف موقع رويسات العلم في مزارع شبعا المحتلة ، في خطوة رمزية شجاعة أكدت فيها على حق اللبنانيين ومقاومتهم في الرد على الخروقات الصهيونية الإجرامية التي أدت خلال الأسبوع المنصرم من وقف إطلاق النار الى استشهاد عدد من المواطنين اللبنانيين . وحركت من خلال ذلك البند الوارد في اتفاق وقف اطلاق النار على حق الطرفين اللبناني والإسرائيلي في الدفاع عن النفس والذي فرضه المفاوض الرسمي اللبناني رغما عن رغبة الجانب الصهيوني المتغطرس .

الدولة اللبنانية تنتظر مباشرة اللجنة المشرفة على اتفاق وقف اطلاق النار أعمالها وقد سعى الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري لدى الأميريكيين والفرنسيين بغية الإسراع في أعمال هذه اللجنة . في حين أن الصهاينة وباقي أطراف اللجنة الدوليين لا يبدو عليهم الإستعجال في مباشرة أعمال تلك اللجنة ( إن قيض لها أن تعمل ) . ولعل عدم الإستعجال الذي يصيب أعضاء اللجنة المتحالفين مع اسرائيل ، يريدون الإفساح في المجال أمام نتن ياهو كي يفرض هيبته المطعون في جديتها أمام المقاومين اللبنانيين والفلسطينيين .

إن مهلة الستين يوما الواردة في اتفاق إطلاق النار محفوفة بالمخاطر وهي تنتظر في جزء منها تبيان طبيعة الدور المناط بقوات الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني والذي يريده الصهاينة نفيا حازما لأي دور للمقاومة الإسلامية في تلك المنطقة . ويبقى السؤال الأهم في عمل اللجنة المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار ، متمحور حول طبيعة الدور الأمريكى في إدارة شؤون هذه اللجنة . وهو دور منحاز او متفوق على الإنحياز لصالح العدو الصهيوني . ما يهدد عمل هذه اللجنة ويعطل دورها ويعيد النار المشتعلة الى لبنان والمنطقة . هذا في الوقت الذي أكدت فيه أوساط مطلعة أن الجيش اللبناني وقيادته متمسك بالثوابت الوطنية البديهية وهو على علاقة إيجابية مع القوى السياسية الجنوبية المعبرة عن إرادة المقاومة . وأن التفريط بأي من هذه الثوابت هي أمنيات وتمنيات من جهات خارجية شتى ومن أقلية سياسية لبنانية ما زالت تكرر أخطاءها السابقة التي مضى عليها أكثر من أربعين عاما .

أيمن حجازي