العدد 1556 /29-3-2023
ايمن حجازي
التهبت الساحة السياسية والطائفية
في لبنان تحت وطأة الخلاف على تأخير التوقيت الصيفي ، واستنفرت البيئة المسيحية معظم
قواها ومرجعياتها في سياق التصدي لتلك الخطوة التي أقدم عليها الرئيسين نبيه بري ونجيب
ميقاتي . في وقت كانت البيئة الإسلامية متنوعة لا بل باردة في تحفزها " القتالي
" في مواجهة تلك " الواقعة " . فكانت لامبالاة سنية واضحة ، وحياد درزي
بارز تحول الى توسط بين أطراف هذه المواجهة عبر النائب الجنبلاطي هادي أبو الحسن للخروج
من ذلك المأزق ولم تنته تلك اللامبالاة إلا عندما اجتمع الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة
بالرئيس نجيب ميقاتي وطالباه بخطوة تنهي تلك القضية التي باتت تشكل معضلة طائفية بإمتياز .
... شيعيا لوحظ غياب حزب الله عن السمع في الوقت الذي تتوالى فيه التصدعات التي تظهر في
جدار العلاقة مع التيار الوطني الحر وعلى خلفية التأييد الذي يلتزمه الحزب لترشيح سليمان
فرنحية على رئاسة الجمهورية . كل ذلك جعل الرئيس نبيه بري وحيدا في الميدان خصوصا بعدما
تبين أن الرئيس ميقاتي قد جر الى ذلك القرار جرا بدليل المبررات التي كان يقدمها رئيس
الحكومة لرئيس المجلس النيابي أمام الإعلاميين
دفاعا عن التوقيت الصيفي " المبجل ". وخلاصة القول أن القلوب المليانة هي
التي أشعلت "حرب الساعة" وجمعت الجهات المسيحية كافة من كتائب وقوات وتيار
وطني حر في صف واحد . أما المرجعيات الدينية المسيحية فقد كانت قاسية في تعبيراتها
التي "دججت" مواقفها وفي طليعة تلك المواقف ما أعلنه البطريرك بشارة الراعي
والمطران الياس عودة في عظات الأحد . وبات الصف المسيحي موحدا حيال هذه القضية على
الرغم من كل التباعد السياسي بين أطراف هذا الصف ، ما ولد خشية كبيرة من مضاعفات الشحن
الطائفي على الوضع اللبناني المترهل والمهدد بالتفجير في أكثر من محطة واستحقاق.
في استراتيجيا الصراع الطائفي
في البلد يرى البعض أن لبنان يعيش حالة ترقب
مسيحي وجهوزية دائمة للتعويض عما يمكن تسميته خسارة مسيحية في دستور الطائف من خلال
فرض أعراف دستورية بعد استحالة وقوع تعديلات دستورية ما . وهذا ما يمكن رصده من خلال
تكريس رفض التشريع في ظل الشغور الرئاسي ، ومن خلال رفض إنعقاد جلسات لمجلس الوزراء
في ظل هذا الشغور . وها هي الكتل النيابية المسيحية مدعمة بتأييد البطريرك الراعي والمطران
الياس عودة تنجح في تنفيذ كلا الرفضين المشار اليهما آنفا . وقد أضافت هذه الكتل نجاحا
جديدا الى نجاحها السابق عندما فرضت على الرئيسين بري وميقاتي التراجع عن قرار تأجيل
التوقيت الصيفي ريثما ينتهي مسلمو لبنان من
صيام شهر رمضان المبارك . حصل كل ذلك في ظل رغبة جامحة في تقمص دور المظلوم والمقهور
من خلال إشارة البطريرك الراعي في عظته النارية يوم الأحد الماضي الى أن " الظالم
سيبلى بأظلم " . وقد تحقق هذا النجاح المميز في "موقعة الساعة" بعدما
ارتكب اللاعبين بري وميقاتي خطأ في الملعب وناقشوا على الهواء مباشرة قضية كان يمكن
أن تمرر بسهولة في مجلس الوزراء دونما حاجة الى كل هذا الضجيج الصاخب الذي انتهي بتسجيل
هدف في مرمى بري - ميقاتي من ضربة جزاء مؤسفة . ولكن غلطة الشاطر بألف ، ومن هو
"أشطر" من الرئيس بري في ساحتنا السياسية الرائدة ؟
أيمن حجازي