العدد 1682 /24-9-2025
ايمن حجازي

برز سياسيا خلال الأسبوع المنصرم التطور الإيجابي الذي طرأ على العلاقات بين حزب الله والمملكة العربية السعودية من خلال المبادرة التي قدمها الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم متوجها الى السعودية بفتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية بين الجانبين . وكانت هذه العلاقات قد تدهورت عبر السنوات الماضية بفعل الخلاف السياسي الكبير حول جملة من القضايا السياسية الكبرى ياتي في مقدمها الصراع العربي - الإسرائيلي . وكانت الحرب السعودية - اليمنية التي أشتعلت منذ حوالي عشر سنوات ومنحتها السعودية تسمية " عاصفة الحزم " ، قد أججت الخلاف القديم - الجديد بين حزب الله والمملكة التي وجهت لحزب الله تهم التدخل في تلك الحرب الى جانب الحوثيين في اليمن .

لا يمكن وضع مبادرة الأمين العام لحزب الله حيال السعودية ، إلا في خانة السعي الى فك الحصار السياسي عن حزب الله .وهو حصار دولي وإقليمي ومحلي تشدد فيه واشنطن وتل أبيب الخناق على قوى المقاومة في لبنان وفلسطين . وتهدف الولايات المتحدة الأميريكية واسرائيل الى التخلص من العبء المقاوم الثقيل الذي يربك السياسات الصهيونية في المنطقة . وإذا كانت بعض الجهات المراقبة تستبعد أي مفاعيل عملانية تنفيذية لهذه المبادرة على المستوى السياسي ، فإن البعض الآخر يرى أن أقل ما يمكن أن يحصده حزب الله من هذه المبادرة الإيجابية ، هو تنفيس الإحتقان المذهبي السني - الشيعي في لبنان والمنطقة . مع ملاحظة أن هذه المبادرة ليست كلاما في الهواء الطلق ، وإنما هي ثمرة جهد توسطي بذله الإيرانيون وغيرهم من الجهات بين حزب الله والرياض . وان الموفد الإيراني الى السعودية علي لاريجاني كان هذا الموضوع على جدول أعماله في زيارة حصلت في الآونة الأخيرة الى العاصمة السعودية .

في هذا الوقت لا يعرب خصوم حزب الله اللبنانيين عن خشيتهم من هذه المبادرة الموجهة من حزب الله وتأثيراتها على علاقات هؤلاء الخصوم مع السعودية المتخمة بعناصر التناقض والتنافر مع حزب الله والجمهورية الإسلامية في إيران . ويرجح هؤلاء أن الأمر لن يعدو التبريد الإعلامي بين حزب الله والإعلام السعودي والإعلام الملحق به في لبنان والمنطقة . وبالتالي فإن أدوات الدعم المالي والإنتخابي السعودي لخصوم حزب الله ( وهنا بيت القصيد ) لن يتم المساس بها . ولكن الحقيقة السياسية الإقليمية تشي بأن العلاقات الإيرانية - السعودية مستمرة في الهدوء وان حزب الله في لبنان يمثل إحدى مفردات هذه العلاقات الإقليمية الهامة .

ثمة تقييم آخر يمتلكه البعض من المراقبين ومفاده ، أن المملكة العربية السعودية ايا يكن مستوى العلاقة الإيجابية مع واشنطن خصوصا والغرب عموما فإنها لا تستطيع أن تتحمل أو ان تهضم هذا المستوى من التغول الصهيوني . وهي بالتالي ستجد نفسها مدعوة الى تطبيع علاقاتها مع قوى المقاومة لتخفيف الحرج الشعبي العربي التي قد تعاني منه المملكة في مراحل التصعيد الصهيوني . وهو ظهر تاريخيا في مواقف المملكة في العديد من المحطات التاريخية وأهمها :

إثر هزيمة حزيران ١٩٦٧ ما ترجم تحسنا في علاقات السعودية مع جمال عبد الناصر وترجم في قمة الخرطوم العربية لعام ١٩٦٨ لاءات ثلاث لا صلح لا تفاوض لا اعتراف .

في حرب تشرين ١٩٧٣ كان للسعودية دورا بارزا في حملة قطع النفط العربي عن الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني . وكان لهذه المقاطعة دورا فاعلا في الساحة الدولية ما ادى الى صدور القرار الدولي ٣٣٨ الداعي الى إنسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلت في حزيران ١٩٦٧ .

في ستينات القرن الماضي كان للمملكة العربية السعودية دور داعم للثورة الفلسطينية على المستوى المالي وخصوصا لحركة فتح . وذلك في سياق مواجهة الآثار الكارثية لهزيمة حزيران ١٩٦٧ .

وبعيدا عن المبالغة وعن إعطاء الموضوع أبعادا أكبر من أبعاده الحقيقية ، فإن مبادرة الحزب تميزت بوضع أسس تثبت العداء للكيان الغاصب وتحتم الإلتزام بالقضية الفلسطينية وهما ضمانة قيام علاقات عربية - إسلامية سليمة ومشروعة وهادفة .

أيمن حجازي