العدد 1650 /5-2-2025
ايمن حجازي

انكشف الوضع السياسي الداخلي أكثر وأكثر ، وانقشعت بعد تكليف الرئيس نواف سلام برئاسة الحكومة غيوم كثيرة . فأكتشف العديد من المراقبين أن معظم القوى النيابية اللبنانية التي وعدت بتسهيل مهمة نواف سلام من خلال إدعاء الزهد في المطالب والمكاسب ، كانت تمارس الكذب الواضح الصريح ... ففي الأيام للتكليف صوبت تلك القوى نيرانها على موضوع وزارة المالية وعقدتها التي تمكن نواف سلام من حلها بسرعة فائقة . في حين برزت عقد جديدة ومتجددة من خلال محاولات فرض شروط سياسية او توزيرية طبيعية في اللعبة السياسية الديموقراطية اللبنانية . الا ان هذه اللعبة باتت في الساحة اللبنانية مهمة تعجيزية قادرة على تعطيل العمل الحكومي وعلى تخدير العمل السياسي وإدخاله في حالة شلل مريع .

وما حلم به بعض اللبنانيين من خلال العهد الجديد والحكومة الجديدة بات مهددا وكأن الأمور مرشحة للعودة الى نقطة الصفر . هذا في الوقت الذي خرجت بعض المواقف وكأنها لاتريد تحقيق أهداف سياسية محلية ، بل انها ترمي الى إحراج حزب الله كقوة رئيسية معنية بالمقاومة ضد الإحتلال الصهيوني . فالمشكلة على سبيل المثال لا تكمن في تمسك ثنائي أمل - حزب الله بوزارة المالية بل في تأكيد أن الطرف السياسي المعني مباشرة بالمقاومة قد خسر الحرب في مواجهة الآلة العسكرية الصهيونية . وعندئذ لا مشكلة لدى هؤلاء في أن تسند وزارة المالية الى الوزير والنائب السابق ياسين جابر نظرا لتوفر شهادات إيجابية غربية بحق الرجل الذي من المفترض أن يمثل حركة أمل في الحكومة المفترضة القادمة . وقد يغيب عن بال البعض أن ياسين جابر في وزارة المالية يمكن ان يكون مطلبا لدى بعض الجهات الغربية أكثر منه مطلبا للرئيس نبيه بري وحركة أمل . وأن حزب الله المنهمك بموضوع المقاومة ومصيرها وواقعها وال١٧٠١ لا يعنيه من قريب أو بعيد هذا الأمر إلا من باب التضامن المشترك مع حركة أمل . وهذا ما يقودنا الى تلمس حقيقة أن بعض القوى السياسية المحلية تمارس أدوارا مواكبة للضغوطات الإسرائيلية ضد الساحة اللبنانية بما يفضي الى مزيد من تضييق الخناق على المقاومة اللبنانية . وفي ذلك إجراء عقابي لهذه المقاومة لوقفتها المساندة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ انطلاقة عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول لعام ٢٠٢٣ .

ثمة أسئلة مشروعة مطروحة هنا : هل يتغاضى العهد الجديد وشبكة العواصم العربية والعالمية الداعمة له عن هذا العبث السياسي المحلي في مصير حكومة العهد الأولى ؟

وهل يسمح الوضع اللبناني المحلي بمزيد من الترهل والإهتراء في البنية اللبنانية الإقتصادية والإجتماعية والإدارية والأمنية ؟

هل تسمح معضلة الإشتباك اللبناني الجنوبي مع الكيان الصهيوني بوصول الوضع الحكومي الى طريق مسدود ؟

الوضع يحتاج الى شيء من الشعور الوطني السليم ، والى شيء من التجرد والموضوعية ، والى تخل حازم عن إستخدام رهانات الخارج في مواجهة خصوم الداخل . وهذا الكلام موضوع برسم رافعي شارات النصر ورايات الغلبة في الأشهر والأسابيع القليلة الماضية.

ايمن حجازي