العدد 1695 /24-12-2025
أيمن حجازي

يستمر الستاتيكو اللبناني المحلي مع تعديلات طفيفة في المشهد السياسي ، مع حصول مقدمات لإنزياحات محتملة في فرز القوى وتحالفاتها . فالمفردة المتصلة بسلاح حزب الله مستمرة على وقع التقارير الشهرية التي يقدمها قائد الجيش رودولف هيكل حول جنوب الليطاني وشماله وحول استمرار الخروقات الإسرائيلية الهائلة التي يرتكبها سلاح الجو الصهيوني وقواته البرية في قرى الحافة الأمامية والحوافي الخلفية أيضا . وتستمر لجنة الميكانيزم المهيمن عليها أميريكيا في الدوران حول نفسها ، على الرغم من محاولات المندوب اللبناني الجديد سيمون كرم لطرح إمكانية البحث في عودة أهالي القرى الأمامية الى بيوتهم بأمن وسلام .

وتستمر الجوقة اللبنانية اليمينية في تخويف الشعب اللبناني من نية الصهاينة في الفتك بما تبقى من أشلاء الوطن في حال عدم الإستجابة لمطالبهم المتعددة التي تبدأ بالأمن والعسكر ولا تنتهي بالسعي الى طرح مشاريع التعاون الإقتصادي بين لبنان والكيان الغاصب . وقد بهتت أنغام وألحان تلك الجوقة تحت وطأة تصريحات بعض الديبلوماسيين الأميريكين الذين بدأوا الحديث عن إحتواء مشكلة سلاح المقاومة بدلا من مواجهة تبعات نزع ذلك السلاح . ما خيب أمال العديد من القوى السياسية اللبنانية المعادية للمقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية ، وجعلها فاقدة لذلك البريق الذي كانت تسعى الى إمتلاكه هذه القوى قبيل الإنتخابات النيابية المفترض إجراؤها في الربيع القادم . ويأتي هذا التعديل الجزئي في اللهجة الديبلوماسية الأميريكية ناتج في أحد أبعاده من وجهة نظر الفريق اللبناني المناصر للمقاومة من عدة عوامل أهمها :

- استمرار المقاومة اللبنانية وتحديدا حزب الله على موقفه الرافض لإلقاء السلاح . مع الثبات على موقف عدم اللجوء الى أي عمل عسكري مقاوم يتعارض مع التزامات اتفاق وقف العمليات العدائية الصادر في ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤ . وهذا ما يؤدي الى نزع الذرائع الإسرائيلي التي كان يمكن أن تفضي الى توسيع العمليات العسكرية .

-الموقف الثابت الذي يلتزمه رئيس الجمهورية جوزاف عون وقائد الجيش رودولف هيكل في رفض الإنصياع لدفع الأمور بإتجاه التصادم مع المقاومة اللبنانية وحزب الله . وهذا ما ينعكس توترا في علاقات العهد وقيادة الجيش مع حزبي القوات اللبنانية والكتائب وحلفائهما والذي بدأت مظاهره تنمو في أكثر من مجال وصعيد .

- بروز مستجدات إيجابية في علاقات حزب الله مع المملكة العربية السعودية وهي مستجدات إستكمالية للمستجدات الإيجابية في العلاقات الإيرانية - السعودية . وقد ترجمت هذه المستجدات في موقف كتلة الإعتدال الوطني النيابية من تأمين نصاب الجلسة النيابية التي قاطعتها قوى "القوات" والكتائب وقسم من التغيريين . وقد انضمت هذه الكتلة الى جموع الكتل النيابية المشاركة في جلسة الخميس الماضي التي أقرت قوانين كان من ضمنها القانون المتعلق بتأمين تمويل دولي لعملية إعادة إعمار البنى التحتية المدمرة من جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان .

هذه العوامل ساهمت في تخفيف حدة الحصار السياسي الذي يتعرض له حزب الله بفعل الحرب الأخيرة ، حيث يضاف الى كل ذلك أن هناك تطورات حاصلة في اليمن كشفت عن تباين إضافي بين المملكة العربية السعودية وواشنطن التي تتناغم مع سياسة الإمارات العربية المتحدة في اليمن وهي سياسة تتناقض مع التوجهات السعودية في تلك المنطقة . وهذ ما يمكن له أن يساهم من تليين المواقف السعودية من حزب الله في لبنان بدلا من الإنخراط في سياسة الضغوط على الدولة اللبنانية كي تتصادم مع المقاومة في لبنان . ويعتبر بعض المراقبين أن الإعلان عن فضيحة " أبو عمر - عريمط " وتعميمها تم برغبة سعودية واضحة بغية تنصل السفارة السعودية في بيروت ومن خلفها الأمير يزيد بن فرحان المولج بالملف اللبناني سعوديا من بعض المواقف المتطرفة التي حاول البعض أن يوحي أنها تحصل برغبة سعودية مباشرة .

الإنزياحات التي أشرنا اليها في بداية المقال تنحصر في علاقات الرئاسة اللبنانية الأولى مع حزب القوات اللبنانية ومواقف دوائره العاملة في الإغتراب الأمريكي والتطرف الواضح في مواقف وزير الخارجية القواتي يوسف رجي التي استفزت الرئاستين الأولى والثالثة .

انها تعديلات طفيفة في المشهد اللبناني ولكنها قد تكون تعديلات زاحفة ومتراكمة مرشحة لإحداث إنزياحات محلية وغير محلية تعاكس الحرب الصهيونية الموعودة التي تبشر بها بعض القوى اللبنانية الثملة بأوهام السيادة المزيفة .

أيمن حجازي