العدد 1620 /10-7-2024

ما زال التلاعب السياسي هو سيد الموقف في الساحة المحلية اللبنانية ، حيث بعض الأفرقاء يعملون على إزدواجية الخلط بين معضلة الشغور الرئاسي وبين معادلات الضغينة السياسية المستفحلة ضد المقاومة اللبنانية في برامج القوى السياسية التي تورط معظمها في علاقات علنية مع الإحتلال الصهيوني في ثمانينات القرن الماضي . ويشرف على صياغة عملية الخلط المشار اليها جهابذة في السياسة والإعلام من الفريق الذي كانت تطلق عليه تهم " الإنعزالية " البغيضة . ويتناوب أولئك الفرقاء في إطلاق النار السياسي تارة في موضوع الشغور الرئاسي وطورا في موضوع الجبهة الجنوبية اللبنانية المفتوحة لنصرة غزة والمقاومة في فلسطين المحتلة .

... تحت عنوان المعارضة يسعى البعض في الداخل اللبناني الى إثارة مشاعر طائفية متلاطمة ، ويدأب هذا البعض على التحذير من إختلاق أعراف سياسية جديدة من مثل فرض بند الحواركي يسبق إستحقاقات دستورية من مثل الإنتخابات الرئاسية اللبنانية . ثم يتم وضع هذه المشكلة في إطار المخاطر التي تتهدد حقوق المسيحيين اللبنانيين في بنية السلطة اللبنانية . ما يدعو الى ولادة حذر فائق يستفز جهات مسيحية شتى في طليعتها الكنيسة المارونية التي تم جرها في الأسابيع الأخيرة الى الوقوع في حبائل الخلط المشار اليه آنفا والوقوع في هفوات سياسية وأخلاقية طالت أعمال المقاومين على الجبهة اللبنانية . وهذا ما أدى الى صدور مواقف كنسية ملتبسة تخلط ما بين المقاومة والإرهاب . وقد أدركت الكنيسة المارونية ومن خلفها الفاتيكان خطورة هذا الإلتباس الخطير . وقد خلف هذا الإلتباس توترا طائفيا إسلاميا - مسيحيا وتشنجا شيعيا - مارونيا بلغ ذروته من خلال مقاطعة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حفل غداء أقيم على شرف الموفد البابوي بيترو بارولين ، وبيانات متبادلة لم تخلو من الحدة بين المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان وبين بكركي .

وقد دارت الدوائر وعادت الى اللجنة الدولية الخماسية المنتدبة لحل المشكلة اللبنانية الحالية ، وذلك من خلال تقدم النواب " المعارضين " بإقتراحات موجهة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والفريق السياسي الذي يمثله ... ولكن هذه المرة عبر سفراء اللجنة الخماسية التي يدأب المعارضون على الإستغاثة بهم في صراعهم السياسي المرير مع الفريق الآخر في البلد . وقد آثر المعارضون أن يعتمدوا على سفراء دول اللجنة الخماسية في بيروت في إيصال مقترحاتهم الى الرئيس بري كي يستعينوا بهم في مواجهة إصرار الأخير على اللجوء الى حوار يفضي الى جلسة إنتخاب فاعلة كبديل عن جلسات الإنتخاب الفاشلة التي حصلت في الستة أشهر التي أعقبت إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في خريف عام ٢٠٢٢ .

هذا في الوقت الذي يجزم فيه البعض بأن هذه التحركات المحلية لا تهدف الا الى تمضية الوقت واللعب في هذا الوقت الضائع . في ظل وجود يقين سياسي أن معالجة الشغور الرئاسي مسألة أكثر تعقيدا من طرح آليات لإنعقاد جلسات الإنتخاب الرئاسية وهي معضلة ذات أبعاد محلية وإقليمية ودولية مشتركة . وهي على صلة وثيقة بالحرب الصهيونية الوحشية التي تشن على قطاع غزة منذ أكثر من تسعة أشهر ، ويشكل جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة ساحة من ساحاتها .

أيمن حجازي