بين جلسات الثقة والتشييع الحاشد
العدد 1653 /26-2-2025
ايمن حجازي
عبرت حكومة الرئيس نواف سلام حاجز التشكيل وبلغت
مرحلة البيان الوزاري الذي تمت صياغته بسرعة بالغة . وها هي اليوم تخوض غمار جلسات
الثقة بسلاسة مميزة ، بعد أن تم تجاوز إشكالية الحديث عن المقاومة في ذلك البيان
من خلال اعتماد نص موارب يتضمن حق لبنان في اللجوء الى كل ما هو متاح ومعترف به في
القانون الدولي لتحرير الآراضي المحتلة من قبل الدولة الصهيونية . وقد كان حزب
الله مرنا حيال هذه الإشكالية حيث مرت الأمور على خير وسلام . أما الإزدحام في عدد
النواب المتكلمين فهو السمة الغالبة على جلسات الثقة التي سهر عليها وعلى إدارة
شؤونها الرئيس البارع نبيه بري .
وعلى الرغم من الصراحة التي اعتمدت في مخاطبة
الحكومة وفي مناقشة البيان الوزاري ، إلا أن الصدامات بين الحضور النيابي غابت
وبدا الجميع مؤدبا في حضرة الأستاذ الذي مازال يحتفظ بالكثير من هيبته على الرغم
من تقدمه في السن ، أطال الله في عمره . وكانت أهم تلك المصارحات النيابية هي التي
أدلى بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عندما خاطب الرئيس نواف
سلام : " لقد منحناك ثقتنا عندما
رشحناك لرئاسة الحكومة ولولا ترشيحنا لما كنت اليوم في هذا المنصب والآن ننزع منك
هذه الثقة لأنك خالفت المعايير التي أعلنت اعتمادها في التشكيل ولأنك خالفت
الإتفاق الذي حصل بيني وبينك ... " .وكانت المادة السياسية متوافرة لحصول إشتباك حامي الوطيس بين النائب جورج
عدوان ونواب حزب الله أو بين رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد والنائب
ميشال معوض ولكن نواب الحزب قرروا عدم الإنجرار الى سجالات عقيمة قد تضر ولا تفيد
. ولا يمكن تجاهل أن هذه الحكومة هي حكومة العهد الأولى حيث الكثيرين يلتزمون
العلاقة الإيجابية مع الرئاسة الأولى ولا يرغبون في الإستفزاز السياسي المبكر لأي
من الرئاستين الأولى أو الثالثة . فلا داعي للإستعجال والأيام مفتوحة أمام الجميع
للتصعيد السياسي حينما تدعو الحاجة أو حينما يشعر البعض بإمتعاض ما قد يحصل من
جراء الممارسة الحكومية القادمة .
ثمة إستحقاق آخر عبر وله بعد بارز في المواجهة مع
الصهاينة ، ألا وهو التشييع الكبير لأميني عام حزب الله السابقين السيد حسن نصر
الله والسيد هاشم صفي الدين الذين مضى على إستشهادهما حوالي خمسة أشهر. فقد كان
تشييعا استفز القادة الصهاينة الى حدود إصدار الأمر بشن غارات وهمية ضد جموع
المشييعين في المدينة الرياضية وعلى طريق المطار. وقد توالت ردود الفعل السلبية من
القيادات الصهيونية السياسية والأمنية والعسكريةالتي أجمعت على التحذير من إحتمال إستعادة حزب الله لزمام المبادرة وبالتالي العودة الى إمتلاك
القوة التي تخول حزب الله إستئناف عمله المقاوم ما قد يحبط كل الجهود الإسرائيلية
التي بذلت لتدمير بنى حزب الله واغتيال قادته . وهي المهمة التي سعى الى تحقيقها
العدو الصهيوني في المرحلة السابقة . هذا الى جانب التداعيات المحلية لذلك التشييع
الكبير ، من جراء إنزعاج قوى اليمين اللبناني المعادي لعمل المقاومة اللبنانية
والمعارض لحرب الإسناد التي شنتها هذه المقاومة دعما للمقاومة الفلسطينية في قطاع
غزة . ولم تخف هذه القوى المحلية اليمينية إنزعاجها وغيظها البالغ من جراء إحتشاد
مئات الآلاف من الجماهير اللبنانية التي أكدت على الإلتزام بخيار المقاومة وخيار
التضامن والتلاحم مع شعب فلسطين .
بين البيان الوزاري لحكومة نواف سلام ، والتشييع
الجماهيري الحاشد للشهيدين السيدين نصرالله وصفي الدين أمضى اللبنانيون أسبوعهم
الفائت مع وعود وآمال متراوحة بتحرير الأرض وطرد المحتل والرغبة في إزالة شيء من
المصاعب والمصائب والمظالم والتجاوزات والإحتقانات الداخلية المتكاثرة .