العدد 1670 /2-7-2025

التطور السياسي الإقليمي الأبرز في المنطقة هو الحديث عن مباحثات بين الكيان الصهيوني والحكم الجديد في سورية ، وهذا الأمر لم يتم تأكيده من قبل الادارة السورية الجديدة حتى الآن. وتنسجم هذه الاخبار مع دعوات " التطبيع " التي تسعى اليها جاهدة الإدارة الأميريكية الحالية . وهي إدارة تبذل قصارى جهدها من أجل فرض هذا الواقع وتثبيته لدى الأنظمة والحكومات الخليجية المختلفة .

والجميع يعلم أن هذه الجهود الأميركية التطبيعية كانت قد سارت أشواطا قبل ان تصاب بإنتكاسة كبرى إثر عملية طوفان الأقصى ونشوب معارك غزة التي تكاد تتم عامها الثاني في السابع من أكتوبر القادم . ويرجح معظم المراقبين السياسيين المحليين والعرب والأجانب أن هذه المباحثات تحصل برضى سعودي - تركي متواز . و يتركز البحث على إحياء إتفاقية فصل القوات التي وقعت في بداية عام ١٩٧٤ إثر حرب تشرين التي وقعت في خريف ١٩٧٣ . ويتزامن الحديث عن هذه المباحثات مع قرار الإدارة الأميريكية القاضي برفع العقوبات التي كانت مفروضة على النظام السوري السابق ، وما يرافق هذا الرفع من تعهدات مفترضة من قبل الحكم السوري الجديد حيال النفوذ الإيراني السابق وكذلك نفوذ حزب الله . وهذه مسالة باتت من الأمر الواقع ولكنها ستجد لها تداعيات ما لدى مقاربة ملف العلاقات السورية اللبنانية ، حيث يمتلك حزب الله نفوذا ما زال واسعا على الساحة اللبنانية . اما الأمر الذي ما زال يحتاج الى معالجة ، هو إلغاء الهامش الممنوح الى فصائل المقاومة الفلسطينية وفي طليعتها حركتي حماس والجهاد الإسلامي . وهذا الأمر يشكل مطلبا أميريكيا - إسرائيليا. وهذا ما قد يولد تعقيدات كبرى لأنها تمس القضية الفلسطينية التي ما تزال تحظى بعطف شعبي كبير لدى شعوب المنطقة العربية والإسلامية . ويضاف هنا الى كل ذلك وجوب تنقية الساحة السورية من وجود داعش وفق المطالب الأميريكية .

هذا في الوقت التي سرت فيه شائعات مختلفة خلال الأسبوع المنصرم ، عن حشد لقوات سورية على طول الحدود اللبنانية - السورية. وقد ترافقت هذه الشائعات مع دور ما يمكن أن يوكل للحكم السوري الجديد على الساحة اللبنانية من قبل جهات دولية متفاهمة مع هذا الحكم . علما أن العلاقات الدولية للحكم السوري الجديد لم تنضج بعد وهي في ضوء التبلور التدريجي الذي لم يتضح بشكل كامل . وقد بدات بعض الجهات اللبنانية وبشكل مبكر برسم سيناريوهات مختلفة للعودة المفترضة للنفوذ السوري الى بلاد الأرز . في حين رجحت جهات مراقبة أخرى أن يكون الحديث عن نفوذ سوري جديد في لبنان هو عملية تخويف ليس إلا . وقد وضعت البعض زيارة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الى دمشق ، والفيديو الموزع بصوت وصورة المفتي والذي يتميز بلهجة حادة لم تسمع من قبل ، في خانة تعزيز الحضور السياسي السوري في البلد ...

بين هذا الرأي وذاك يستمر المخاض اللبناني الذي يمثل جزء من مخاض أكبر تعيشه المنطقة العربية والإسلامية . وتلعب فيه السياسة الأميريكية المتواطئة مع العدوان الصهيوني الدور المتعاظم بكل تفاصيله المتوحشة في غزة وفي لبنان وفي كل مكان .

أيمن حجازي