العدد 1688 /5-11-2025
أيمن حجازي

تمادى المبعوثين الأميريكيون توم باراك والحسناء الرقطاء أورتاغوس في إهانة الدولة اللبنانية ورموزها ، فوصف السيد " توم " لبنان ونعته بالدولة الفاشلة . ومن ثم أتبع ذلك بالطلب من الرئيس جوزاف عون بالمبادرة الى الإتصال بقاتل آلاف اللبنانيين بنيامين نتن ياهو والتباحث معه بشؤون السلام بين لبنان والكيان الصهيوني . فهم ممثلون لواشنطن ولكنهم ناطقون بإسم القادة الصهاينة الرافضين لإيقاف عدوانهم الدموي على الشعب اللبناني ومن قبله على الشعب الفلسطيني المرتكب بحقه مئات المجازر الوحشية . وبدا هؤلاء الموفدين الأميريكين على تفهم كامل لعدم إيقاف الغارات الصهيونية على القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية التي تنزف من دماء شبابها وتبذل من أرواحهم بشكل يومي .

أما المعلم الأميريكي الأكبر فقد دخل في حالة خيلاء تخلى فيها عن دور الوسيط النزيه بين العرب والصهاينة ، وبات يتقمص دور البطولة في مكافحة المقاومة العربية والإسلامية في كافة تلاوينها اللبنانية والفلسطينية واليمنية والعراقية والإيرانية ... فقد جاهر دونالد ترامب في أولويته القيادية في المعارك التي خيضت في العام الأخير . فعملية تفجير البايجر تمت تحت إشرافه ، وجرائم اغتيال السيد حسن نصر الله ويحي السنوار واسماعيل هنية له الدور الكبير فيها والحرب على المواقع النووية الإيرانية في ١٣ حزيران الماضي كلها من صنائع البيت الأبيض . وبطولات الرجل تتدانى عندها بطولات نتن ياهو ونجاحاته المتنوعة . لقد تخلى ترامب عن سياسة أسلافة المتمثلة بالإختباء وراء الكواليس وإدارة المعارك عن بعد . وليس هناك أي حاجة لممارسة دور الوساطة بين الأنظمة العربية المتهالكة وبين الكيان الغاصب ، بل يجب إخضاع العرب والفلسطينيين واللبنانيين والإيرانيين والمسلمين والمسيحيين جميعا للإرادة الصهيونية - الأميريكية المشتركة .

الإدارة الأميريكية ترى أن ما تم إنجازه من منجزات عسكرية صهيونية في غزة وفي لبنان يجب ان يترجم في السياسة . وعلى موفديها إغتنام الفرصة وفرض الأمر الواقع على لبنان وعلى الشعب الفلسطيني وعلى الأنظمة العربية ، بما يفوق اتفاقات كامب ديفيد و١٧ أيار وأوسلو ووادي عربة وما احتوته من ذل وخضوع ورضوخ . وبات الموقف الرسمي اللبناني الذي يسلم بالتفاوض غير المباشر غير كافيا لتأمين الشروط الصهيونية والشروط الأميريكية . ولا بد من رفع وتيرة الإستسلام في الخطاب الرسمي اللبناني وفي الخطاب الرسمي العربي . ولا بأس ولا ضير من إزالة حالة العداء مع الكيان الصهيوني ما يجعل الإتفاقات المنشودة خالية عمليا من البنود والنقاط والفقرات لأن فيها فقرة واحدة وعنوان أوحد ، ألا وهو الخضوع الكامل لشروط إسرائيل وكل ما تراه مصلحة أمنية أو سياسية أو إقتصادية .

هذا في الوقت الذي لا يتردد فيه بعض الوزراء الصهاينة من حكام دولنا الشقيقة الكبيرة كالمملكة العربية السعوية التي طالها في الأسبوع الماضي فيديو ظهر فيه وزير المالية الصهيوني وهو يهزأ على حكام المملكة الملتهين بمباراة السباق بين النوق والجمال فيما ينهمك الصهاينة بتطوير تيكنولوجيا المعلومات على أرض الميعاد . وتبقى الإهانة الكبرى لأمتنا العربية والإسلامية متجلية بمذابح غزة المتنوعة والمستدامة.

أيمن حجازي