العدد 1636 /30-10-2024
ايمن حجازي

تستمر معركة التاريخ والمصير محتدمة في لبنان وفلسطين وعموم المنطقة ، وهي معركة اتخذت قاعدة لها في عملية طوفان الأقصى التي ستتم شهرها الثالث عشر قريبا . وهي عملية لم تفقد بريقها ولا تداعياتها الإستراتيجية التي تحركت في أكثر من اتجاه دولي واقليمي امتد من طهران الى واشنطن وما بينهما من عواصم عربية وأوروبية شتى . وقد كان لبنان ساحة من ساحات هذه المعركة ، التي ووجه بها الصهاينة بما تيسر من إمكانات وطاقات وقدرات تملكها المقاومة الإسلامية اللبنانية .

وعلى الرغم من الأثمان الباهظة التي دفعها لبنان ومقاومته المظفرة في هذه المعركة ، فإن قوى محلية لبنانية متحالفة مع جهات وأنظمة عربية رسمية أصرت على لعب أدوارا سياسية متناغمة مع العدو الصهيوني وكانت بمثابة " الطعن بالظهر " ... ظهر المقاومة التي أصرت على متابعة دورها الطليعي المساند لجهاد المقاومين في غزة الذبيحة التي فتك بها الصهاينة تحت مرأى ومسمع دول العالم العربي والإسلامي قاطبة . وبات الوطن اللبناني تحت وطأة التدمير الصهيوني الذي ترجم قصفا مستمرا بأطنان المواد المتفجرة والحارقة في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي مناطق واسعة من الجنوب والبقاع حيث قطعت الطريق بين سوريا ولبنان في معبر المصنع وهو أهم المعابر الفاعلة بين البلدين .

لا يبدو العدو الصهيوني معنيا في إنهاء المعركة القائمة الا انطلاقا من الخسائر الفادحة التي يتكبدها جيشه على الجبهة الجنوبية وفي مناطق غزة الملتهبة وحيث لم يعد في إمكان العدو إخفاء حجم هذه الخسائر . هذا في الوقت الذي لم يتقدم الصهاينة أنملة في موضوعي إطلاق سراح الأسرى الصهاينة لدى حركة حماس وإعادة سكان المستوطنات الصهيونية المغتصبة في شمال فلسطين الى المنازل التي كانوا يشغلونها . وقد بات هذين الموضوعين شائكين على الرغم من عمليات الإغتيال الغادرة التي طالت قادة المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وفي مقدمهم الشهيد القائد السيد حسن نصر الله والشهيد القائد يحي السنوار . لقد ظن القادة الصهاينة أن عمليات الإغتيال تلك ، ستسهل سبل معالجة الموضوعين المشار اليهما ... لا بل إن القادة الصهاينة ظنوا بأن قوة المقاومة اللبناية قد تراجعت وانهارت بعد إغتيال القادة ، ولكن مآل الأمور والواقع الميداني على الأرض أظهر عكس ذلك . فالقصف الممنهج الذي تعتمده المقاومة اللبنانية اتسع مجاله الحيوي وصار يطال العمق الصهيوني وصولا الى تل أبيب مع توفيقات مؤيدة من الله أوصلت بعض مسيرات المقاومة الى منزل رئيس حكومة العدو بنيامين نتن ياهو في مدينة قسارية في عملية مميزة لم تحصل في تاريخ الصراع العربي - الصهيوني . هذا بالإضافة الى قصف تجمع للواء غولاني اعترف الصهاينة بإصابة من جرائه بسقوط أكثر من سبعين عسكريا صهيونيا بينهم ستة قتلى . وهذه خسائر وعمليات لم يعتاد عليها الكيان الصهيوني الذي دفع عددا كبيرا من سياسييه وعسكريه بأن حزب الله قد استعاد الكثير من عافيتة المفقودة من جراء النجاح في اغتيال القائد نصر الله وإخوانه . وكان من مؤشرات العافية المشار اليها إعلان قيادة حزب الله عن انتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينا عاما للحزب في خطوة صحية تثبت للصهاينة والأميريكيين أن العملية التنظيمية السليمة داخل حزب الله ما زالت قائمة أو أنها مستعادة بشكل صحيح . وكذلك الأمر في قطاع غزة الذي تحول الى ساحة استنزاف قاتل للجيش الصهيوني الذي يدفع فاتورة دم يومية باهظة الثمن على الرغم من إغتيال القائد السنوار وإعلان النشوة الصهيونية العارمة من جراء ذلك .

لا يمكن لمعركة مصيرية تاريخية ان يتعجل في إطلاق حملات تقييم متسرعة يرفع فيها الصهاينة رايات النصر المتعجلة . فالمقاومة في لبنان وفلسطين لم تقل كلمتها النهائية بعد ، وفرسانها ما زالوا على سلاحهم...

ايمن حجازي