أيمن حجازي
قاد
نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي الدعوة الى تغيير حكومي يعود من خلاله الرئيس
سعد الحريري الى سدة الرئاسة الثالثة ، باذلاً الكثير من جهده السياسي في خضم هذه الدعوة, وخائضاً لمواجهات إعلامية لاحقة كانت أشهرها مع
النائب الحليف جميل السيّد ... وقد قدم الفرزلي تعليلاً سياسياً لإعادة ترئيس الحريري,
قد يبدأ من سلامة التوازن الطائفي والمذهبي داخليا . ولا ينتهي عند الفوائد السياسية الدولية التي قد يجنيها لبنان
من جراء العودة " الميمونة " ...وتجدر الإشارة هنا الى الذي قيل عن عدم حماسة المملكة العربية السعودية لهذه
العودة ، تحت عنوان ان الحريري لن يكون قادراً على التحرر من القيود والأغلال التي كبلته في عهد حكومته السابقة
والتي ستكبله في أية حكومة قادمة . وذلك تحت وطأة النفوذ الذي يتمتع به التيار الوطني
الحر ورئيسه جبران باسيل في ظل عهد الرئيس ميشال عون وفي ظل إمتلاكه لأكبر كتلة نيابية في المجلس النيابي
الحالي .
هل ادى الفرزلي دوره في إطلاق الدعوة
لعودة الحريري بمبادرة فردية منعزلة عن أي تنسيق مسبق مع أحد من الكتل السياسية المنتشرة في هذا البلد ؟
لا يعقل للسياسي المحنك وصاحب التجربة
المديدة, والمحامي المتحذلق ان يقفز قفزة في الهواء بعيدا عن حضن ما يمنحه الدفء المطلوب
لدعوته ، وهذا ليس بعيدا عن الرئيس نبيه بري الذي يعتمد على الفرزلي في كثير من المهمات
الصعبة . والذي لا يستبعد أن يكون ممن يرون في الحريري مدخلاً لتنفيس الإحتقان المذهبي
في البلد ، ومدخلاً آخرا لطمأنة الغرب الأوروبي
والأمريكي . علماً ان تحرك الفرزلي باتجاه الرئيس الحريري في بيت الوسط زيارة لافتة
لوليد جنبلاط الى الرئيس بري في عين التينة وزيارة للرئيس الحريري الى وليد جنبلاط
في كليمنصو . ثم جاء التتويج المباشر لهذه الحملة من خلال إعلان الرئيس الحريري نفسه
بشروط سياسية للعودة الى الرئاسة الثالثة .
ولكن الرئيس فؤاد السنيورة قال لوسيلة
إعلامية خليجية أن حزب الله أحبط محاولة لإحداث تغيير حكومي في الآونة الأخيرة ، ما
قد يشير الى ان بري وجنبلاط والحريري بالإضافة الى سليمان فرنجية كانوا جميعا ضالعين
وبنسب متفاوتة بالدعوة التي أطلقها الفرزلي لإعادة الحريري الى رئاسة الحكومة . سواء
منهم من أدى هذا الدور من تحت الطاولة أو من فوقها . وقد يُقال ان عدم ظهور البعض بشكل
علني في ركاب هذه الدعوة ، سببه إدراك هذا البعض لصعوبة تحقيق هذه الدعوة.
وتفيد بعض المعطيات ان تحميل الرئيس
السنيورة لحزب الله مسؤولية عدم تحقيق التبديل الحكومي ليس دقيقاً لأن الحزب قد لا يعارض أية خطوة تؤدي الى إراحة
الوضع اللبناني الداخلي المأزوم والذي يتم تحميل مسؤوليته الى حزب الله . وان مشكلة
الحريري الرئيسية كانت أيام حكومته الأخيرة مع جبران باسيل وتسلطه . إلا أن جنوح الرئيس
السنيورة الى تحميل حزب الله هذه المسؤولية تعود بشكل أساس الى أن السنيورة وحلفائه
يعتقدون أن قوة باسيل تستند الى تغطية فولاذية من حزب الله .
لقد رفع الفرزلي رايات الحريري من
خلال الدعوة لإعادته الى رئاسة الحكومة بالتنسيق مع مثلث بري - جنبلاط - فرنجية بعيدا
عن علاقاته العضوية والحميمة مع التيار الوطني الحر ، وهذا ما يجعله صاحب المبادرات المميزة الشبيهة
بمبادرة القانون الإنتخابي الأرثوذكسي الذي مازال حيا حتى هذه الساعة, حتى قيل أن القانون
الإنتخابي الحالي هو القانون الأرثوذكسي مضافاً إليه بعض التعديلات . وقد يكون الفرزلي
ممن يصدق فيهم القول : إذا ما ظبطت معهم بالمرة الأولى بتظبط بالثانية...