العدد 1622 /24-7-2024
أيمن حجازي

تكاد الشمعة الثانية من عمر الشغور الرئاسي اللبناني أن تطفأ ، والجميع يترقب المعجزة السياسية الخارجية التي ينبغي أن تحل هذه المعضلة بعد أن ثبت بالوجه الشرعي أن العقم يصيب الساحة المحلية ويحول بينها وبين إعادة قصر بعبدا الى الحياة . وقد بات جليا أن هموما بديلة عن الشغور الرئاسي تهيمن وتفرض نفسها . ويأتي في طليعتها الوضع المحتدم في جنوب لبنان وشمال فلسطين ، بالإضافة الى شؤون مالية وحياتية أخرى من مثل الموارد المالية وكيفية صرفها في موضوع الكهرباء . وقد أضيف خلال الأسبوع المنصرم مسألة إدارية ذات أبعاد سياسية وطائفية شتى من خلال الحاجة الى تثبيت رئيس الأركان المعين في الجيش اللبناني العميد حسان عودة . هذا فضلا عن الخلاف القديم - الجديد بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش اللبناني الجنرال جوزيف عون وما تحمله هذه القضية من أبعاد سياسية هامة .

الوضع الجنوبي ما زال على إحتدامه ، والمجزرة الصهيونية تستمر وتتصاعد بكل أساليب التوحش غير البشري التي تنتج صورا تزلزل المشاعر الإنسانية السليمة . يقابل ذلك سلوك سياسي منحرف يلتزمه جمع من القوى السياسية اللبنانية التي تدأب على توجيه اللوم للمقاومة اللبنانية التي وقفت الى جانب الشعب الفلسطيني في غزة . ويضم هذا الجمع خليطا من الفئات التي أقامت علاقات علنية وثيقة مع الإحتلال الصهيوني في صيف ١٩٨٢ ونسقت معه كافة الخطوات السياسية والأمنية اللاحقة التي أججت الحرب الأهلية اللبنانية برغبة واضحة من ذلك الإحتلال . وقد تجرأت هذه القوى وتطاولت في محاولات فرض خياراتها السياسية المظلمة التي تتنكر للفهم السياسي والإستراتيجي الذي يطبع السياسة الصهيونية ويجعلها في حالة عدوانية مستمرة ضد شعوب المنطقة العربية والإسلامية . ويتذرع هذا الجمع السياسي بجملة معطيات دولية وإقليمية مزدحمة تمنح الكيان الصهيوني غطاء كاملا ، وتنعش الطروحات الإنعزالية السابقة التي طبعت النهج السياسي لتلك القوى المتستر تحت عنوان السيادة الفارغة من أي مضمون جدي.

وقد سعى هذا الجمع السياسي الى إلهاء الساحة الداخلية بجملة مواقف حادة تتصل بمعالجة الشغور الرئاسي وبرعاية الوضع الجنوبي المحتدم ، وذلك من خلال إرتداء لباس المعارضة السياسية . وتنطوي هذه المعارضة المزعومة على أكاذيب تنكر حقيقة ان معظم القوى المنخرطة في هذا الجمع كانوا وما زالوا في صلب النظام اللبناني السلطوي الذي تركه الفرنسيون قبل رحيلهم في عام ١٩٤٣ . لقد كان هؤلاء حماة النظام اللبناني وقد ساهموا في إشعال الحرب اللبنانية تحت عناوين الدفاع عن هذا النظام الذين كانوا من أربابه . وهاهو النظام المصرفي الحالي يشهد على قوتهم ويدهم القابضة في كل ما شهدناه من موبقات مالية متنوعة ظهرت في السنين الخمس الماضية وأدت الى إنهيار البنى الإقتصادية اللبنانية .

ولا يخفى على أحد أن الحنين الى الإمتيازات الطائفية ، كامن في صلب السعي السياسي لهذا الفريق الذي يلقى عطفا كنسيا في معظم خطواته السياسية . بما يهدد أسس الوحدة الوطنية في حديها الحاسمين :

- الأول : من خلال التمسك بما تبقى من امتيازات طائفية راسخة وعلى أكثر من صعيد ومجال إداري وأمني وتربوي واقتصادي .

- الثاني : عبر العبث بالخيار الشعبي اللبناني المقاوم الذي يساء له من خلال رفض المشاركة اللبنانية في نصرة أهل غزة وشعبها المقاوم ، وبالتالي توجيه طعنة في الظهر للمقاومة اللبنانية ولكل داعميها من مسلمين ومسيحيين كرام .

ما زال هذا الفريق اللبناني المارق يراهن على طروحات فيدرالية تقسيمية إن هم لم يوفقوا الى عرقلة العمل المقاوم الداعم لأهل غزة . وقد بات فريق منهم على أهبة الإقدام على خطوات ذات طابع إنفصالي إن سنحت الفرصة وبرزت ( لا سمح الله ) ملامح ضعف ما في قدرة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية الأخرى في إستمرار إمساكها بالوضع الأمني في البلد أو في بعض مناطقه ....

ايمن حجازي