رقت قلوب المتحكمين بسعر صرف الدولار الأميريكي في بيروت ولم يسمحوا لذلك الكائن المالي أن يستمر متصاعدا فوق المئة ألف ليرة لبنانية . واستمر الجمود السياسي مخيما على البلد حيث القوى السياسية اللبنانية سلمت بالعقم الداخلي المتصل بمسألة الشغور الرئاسي ، ما فتح الباب واسعا أمام إنتظار االمساعي الخارجية ( العربية والدولية ) وهذا أمر قد تم التسليم به من قبل معظم الجهات اللبنانية الفاعلة . وقد علقت العديد من الجهات اللبنانية أمالا عريضة على الإنفراجات الإقليمية والدولية الموازية لنقاط التصعيد السياسي والعسكري في أوكرانيا وفي تايوان وبعض المناطق الأخرى .

وقد تشكلت الإنفراجات المشار إليها من خلال التطورات الإيجابية على مستوى :

- العلاقات الإيرانية - السعودية .

- العلاقات السعودية السورية أو العلاقات الخليجية - السورية .

- العلاقات السورية التركية .

وقد أعتبر معظم المراقبين اللبنانيين أن الأزمة اللبنانية لا بد لها من أن تتأثر أكثر ما تتأثر بمسار العلاقات السعودية - الإيرانية كون السعودية وايران تمتلكان نفوذا مميزا في لبنان . وقد بالغ اللبنانيون في توقع الإنعكاسات الإيجابية لإعلان بكين بين السعودية وإيران وبدأ كل فريق يسعى الى استيلاد ترجمة ومحصلة سياسية لبنانية ملائمة لمصالحه من جراء إعلان بكين . فاعتبر الفريق المعارض لترشيح سليمان فرنجية لرئاس الجمهورية اللبنانية أن إعادة العلاقات الإيرانية - السعودية يعني تراجع حظوظ فرنجية في الرئاسة اللبنانية ، في الوقت الذي اعتبر فيه المؤيدون لفرنجية أن التطور الحاصل بين الرياض وطهران لا بد من أن يزيل عقبات هامة من أمام وصول الزعيم الزغرتاوي الى قصر بعبدا .

وإذا أردنا أن نعاين سلامة هذين التقيميين للإتفاق الإيراني - السعودي في ما يتصل بالقضية الأبرز المتعلقة بهذا الإتفاق . ألا وهي الحرب في اليمن فإننا نجد أن بعض الإعلام السعودي وفي طليعته جريدة الشرق الأوسط ترى أن الإيرانيين قد تعهدوا للسعودية بالتوقف عن دعم الحوثيين في مقابل ترجمات مقابلة قرأت إعلان بكين وما تلاه على أساس أنه خروج سعودي على السياسية الأميريكية وإقرار موضوعي بالنفوذ الإيراني في جنوب الجزيرة العربية . وقد ختمت صحيفة الشرق الأوسط كلامها في هذا الموضوع على في إنتظار التطبيق العملي للإتفاق الإيراني - السعودي وعلى قاعدة أن " الشيطان يكمن في التفاصيل " . ويمعن بعض المراقبين اللبنانيين في مبالغاتهم عندما يتعاطون مع العوامل الخارجية وكأنها صارت محصورة بالجانبين الإيراني والسعودي مع تجاهل أن الهيئة الدولية - العربية المنتدبة التي اجتمعت في باريس تضم أطرافا أخرى لهم مصالحهم وحساباتهم التي تبعد أو تقرب عن حسابات ومصالح كلا من الجانبين الإيراني والسعودي .

لا يكفي الإتكاء على المساعي المفترضة للقوى الخارجية في حل الأزمة اللبنانية ، فتلك إتكاءة قد تقود الى إغفاءة قاتلة تطيح بما تبقى من قدرات ضئيلة ما زال الشعب اللبناني يمسك بها بكل الوهن والضعف والإرتباك وفقدان المناعة التي تهدد الكيان اللناني وتجعله لقمة سائغة أمام مقولات التجزئة والتقسيم والفدرلة التي تشرعن الإمارات والولايات ومناطق النفوذ والديوك والمزابل ...

أيمن حجازي