العدد 1662 /7-5-2025
جرت
المرحلة الأولى من الإنتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان ، وتشكلت الحصيلة
السياسية التي سعت اليها القوى السياسية المختلفة وبدأت قراءة النتائج وفق
المقاييس التقليدية التي اعتاد عليها اللبنانيون . وكان رئيس الجمهورية جوزيف عون
قد تصدر المشهد الإنتخابي الصباحي عندما توجه باكرا الى سراي بعبدا كي يشرف على
انطلاقة العملية الإنتخابية ويؤكد الحرص على سلامتها وفق المعايير الديموقراطية
المعهودة . وقد كان لهذا الحضور الرئاسي المباشر نتائج إيجابية على المناخ العام
لهذه الإنتخابات التى يراد لها أن تكون صورة تمهيدية إيجابية للعهد الجديد
وللحكومة الجديدة .
وبما
أن الغالبية الطائفية لمحافظة جبل لبنان مسيحية ، فإن دراسة نتائج الإنتخابات
تتمحور في ساحة القوى السياسية المسيحية أولا وفي ساحة القوى السياسية الدرزية حيث
تنتشر أغلبية درزية ناخبة في قضائي الشوف وعالية وجزئيا في قضاء بعبدا . وقد
يمنحنا الدخول في خارطة القوى السياسية المسيحية والدرزية التي خاضت هذه
الإنتخابات الى عدة خلاصات أولية لا بد من الإشارة اليها وفق الآتي :
لقد
صمد التيار الوطني الحر رغم كل الإنتكاسات التي أصابته منذ عام ٢٠١٩ والتي كان
آخرها خروج النواب آلان عون والياس أبو صعب وابراهيم كنعان من عباءة التيار .
وبالتالي فإن جبران باسيل وأركانه وفي مقدمتهم النائبة ندى بستاني لم تخيب آمالهم
في هذه الإنتخابات وذلك على وقع النجاح في وقف الإنهيارات ليس إلا .
على
الرغم من النتائج الإيجابية للحصيلة التي نالها حزب القوات اللبنانية خصوصا في بعض
المدن الجبلية في جبيل تحديدا فإن أيا من الإجتياحات الموعودة للحزب لم تتحقق .
وبقيت النتائج ضمن حدود الحفاظ على مواقع القوة دون المبالغة في تحقيق طموحات
توسعية منشودة .
بقي
حزب الكتائب قوة رديفة لحزب القوات اللبنانية على الرغم من كل التنافرات
والتمايزات بين الفريقين وعلى الرغم من أن القوات ولدت من رحم الكتائب وليس العكس
. واستمر الحزب من خلال هذه الإنتخابات قادرا على إثبات أنه عصي على الإبتلاع من
قبل حزب القوات الذي يمتلك كتلة نيابية تبلغ أكثر ثلاثة أضعاف الكتلة النيابية
الكتائبية .
أكدت
هذه الإنتخابات أن تيار المردة مستمرا في
تواجده المحدود في محافظة جبل لبنان عبر حليفه المباشر النائب فريد الخازن وعبر
بعض القرى الكسروانية المتاخمة لمنطقة الشمال حيث المعقل الرئيسي لتيار المردة .
درزيا
نجح وليد جنبلاط في إضفاء الطابع الهادىء على هذه الإنتخابات من خلال التوصل الى
تفاهمات هامة مع الحزب الديموقراطي اللبناني ورئيسه الأمير طلال ارسلان وهذا ما
حصل تحديدا في مدينة الشويفات حيث فازت اللائحة الإئتلافية بين هذا الحزب والحزب
التقدمي الإشتراكي الذي بدا مرتاحا في معظم معاركه الإنتخابية المشار اليها .
وتجدر الإشارة هنا الى أن وليد جنبلاط يبدو في هذه الآونة السياسية مأخوذا نحو
الوضع السوري المضطرب والذي يطال الوجود الطائفيالدرزي هناك . وقد قام جنبلاط بحراك سياسي مميز نحو التواصل مع الحكم
السوري الجديد ودعا في أكثر من مناسبة للحؤول دون استغلال الجانب الإسرائيلي
للمعضلة الدرزية في سورية .
في
إقليم الخروب إستعادت الجماعة الإسلامية زمام المبادرة البلدية التي بدأتها في
إنتخابات ١٩٩٨ عندما تمكنت من الفوز في بلدية برجا في مواجهة قوى كبرى كالحزب
التقدمي الإشتراكي وتيار المستقبل . وبالتالي انتهت حالة الإنكفاء وبات في محصلة
النتيجة السياسية لإنتخابات الأحد الماضي حضورا شاملا للجماعة في معظم بلدات اقليم
الخروب الذي يشكل الجزء الإسلامي السني من قضاء الشوف المزدحم بقواعد انتخابية
زاخمة درزيا ومسيحيا . وهذا ما يفترض أن ينعكس عمليا في إنتخابات ٢٠٢٦ حيث يوجد
مقعدين سنيين في هذا القضاء كانا يتوزعان بين الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار
المستقبل .
على
صعيد ثنائي أمل - حزب الله فإن الإنتخابات البلدية التي جرت في قضاء بعبدا وكان من
ضمنها إنتخابات بلديات الضاحية الجنوبية فقد كرست سيطرة الحزب على هذه البلديات
وأن لا مساس بواقع هذه المنطقة إجتماعيا وبلديا . وهذا ما يكتسب أهمية بالغة في
هذه المرحلة التي يستمر فيها الإستهداف الصهيوني للضاحية أمنيا وعسكريا . وفي هذا
سقوط لبعض الرهانات الداخلية التي أملت في إضعاف حزب الله في معاقله الإجتماعية .
لا
يبدو أن الإنتخابات البلدية التي تجري حاليا بعيدة عن الإنتخابات النيابية القادمة
في ٢٠٢٦ . فالكل يعتبر هذه الإنتخابات ذو بعدتمهيدي لتلك الإنتخابات المفترض إجراؤها بعد عام من الزمن .
أيمن حجازي