ال ١٧٠١ فوق الدستور والقيم الإنسانية
العدد 1648 /22-1-2025
يغوص الساسة اللبنانيون في مفردات الخلاف السياسي
الداخلي المتشعب ، في بعديه الطائفي والسياسي . بعيدا عن البعد الإسرائيلي في
أزمتنا اللبنانية والمتعلق بالمخطط الصهيوني الموضوع لعزل الساحة اللبنانية
وإرغامها على عدم تكرار " خطيئة " التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة أو
غير غزة . لذا فإن السوق السياسي والإعلامي في لبنان بات غارقا بهموم التشكيل
الحكومي والميثاقية والإصلاح والتمرد على الطبقة السياسية المندحرة الفاسدة التي
قد تفسح في المجال أمام طبقة جديدة قد تكون أكثر فسادا إن هي استسلمت لمفردات
النظام السياسي القائم القادر على زرع كمائن مموهة لكثير من ألوان الفساد والتسلط
والإعتداء على الحريات وحقوق الناس الفقراء المسحوقين .
ولا ننسى حقوق المودعين الذين يمثلون في أغلبيتهم
أصحاب رساميل صغيرة أو متواضعة ويتأهب قسم كبير منهم للإنتساب الى طبقة رأسمالية
متوسطة مرشحة لأن أدوارا إيجابية أو سلبية في الإقتصاد اللبناني . وقد شكل موضوع
المودعين قضية كبرى منذ خمس سنوات اتخذ بعد إجتماعي مأساوي في كثير من الأحيان
خصوصا عندما كنا نرى الناس المحتاجين الى الطبابة أوالإستشفاء ولا يقدرون على سحب
أموالهم وودائعهم المنهوبة . وطبعا ليس على طريقة إحدى أعضاء البرلمان اللبناني
التي فتحت مشكلة في أحد الفروع المصرفية لسحب مبلغ من المال لا يغطيه تأمين المجلس
النيابي لأن تلك النائبة المناضلة كانت ترغب بإجراء عملية تجميل ما ... ولا بد هنا
من الإشارة الى أن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام بدأ يحس ويشعر بحجم
المكابدة الكبرى الناتجة عن التوفيق بين مطالب الفرقاء السياسيين في الحكومة
القادمة . وهي مطالب محفوفة بالمطامع الطائفية والحزبية والزعامية ، ما يضعه في
موقع لا يحسد عليه أبدا . ولكن الواضح أيضا أن الرجل يحظى على دعم جهات دولية
وإقليمية شتى ، حتى أن وزير الخارجية السعودي عندما سئل عن الوضع اللبناني عمد الى
ربط الدعم المفترض تقديمه الى لبنان بالوضع الحكومي . وقد ترجم هذا الموقف على أنه
دعم غير مباشر للرئيس المكلف في مهمته الصعبة ... مؤكدا أنه قادم الى لبنان مشمرا
عن يديه كي يساهم في ولادة الزمن اللبناني الجديد الموضوع في عهدة اللجنة الجماسية
الدولية - العربية التي تشكل المملكة العربية السعودية ركنا أساسيا من أركانها .
... تستمر الخروقات الإسرائيلية المتنوعة في الجنوب والبقاع والضاحية ، وتستمر المسيرات
الصهيونية فوق العاصمة بيروت لتحقيق أهداف الإرهاب النفسي للمواطنين اللبنانيين
الى جانب الأهداف الأمنية والعسكرية الأخرى . وهي مسيرات تهدف أيضا الى المشاركة
في المشاورات السياسية المتعلقة بالتشكيل الحكومي ، وهي مسيرات تؤمن الدعم الواضح
لمنطق الفريق المعادي للمقاومة اللبنانية الذي لا يفتأ يشنع على وقوف الجبهة
اللبنانية الى جانب غزة الذبيحة المنتصرة بهمة مجاهديها ودماء شهدائها السخية .
وقد بلغ الإنعدام الأخلاقي ببعض الأطراف السياسية اللبنانية الى حد التشنيع على
سقوط شهداء لبنانيين وقادة مقاومين خاضوا خلال الخمسة عشر شهرا الماضية أشرف معارك
التاريخ الحديث . وقد فقد هؤلاء الخجل ، وباتوايتسابقون مع العدو الإسرائيلي على التهويل والتحذير من مغبة اي موقف سياسي
لبناني يستفز العدو الصهيوني تحت غطاء " القداسة المميزة " للقرار
الدولي ١٧٠١ وللجنة المشرفة على تنفيذ هذا القرار والتي يترأسها المندوب الأميريكي
" المميز " . لقد باتت هذه الفئات اللبنانية المناوئة للمقاومة
اللبنانية ولنصرة غزة الذبيحة ، وكأنها تضع ال ١٧٠١ فوق الدستور اللبناني وفوق كل
القيم الإنسانية التي ديست بأحذية الصهاينة على أرض فلسطين . ومن الطبيعي ساعتئذ
أن يكون هذا ال١٧٠١ في منطق هذه الفئات ، فوق قيم العيش المشترك والوحدة الوطنية
والتعايش الطائفي .
أحرار الوطن والشرفاء فيه يسألون الله أن يمكن
الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام من التحرر من ربقة هذه الفئات الضالة في الداخل ،
وأن يمكنهما من الصمود والتماسك في مواجهة القوى الخارجية( العالمية والعربية )
الراعية لهذا الضلال اللبناني الشائن ... وفي الختام تحية وعي وحرية واستقلال الى
سجيع عطية . والسلام .
أيمن حجازي