العدد 1433 / 21-10-2020
أيمن حجازي
رحب
الجميع بالمبادرة الفرنسية ، والجميع أحبطها بما لديه من قدرات تمثيلية طائفية ومذهبية
وسياسية شتى . وعاد الجميع الى الملعب اللبناني دون الحكَم الفرنسي الذي يقف عاجزا
عن ضبط المباراة في أشواطها المختلفة . وشارك الأميركيون في التشويش على الفرنسيين
من خلال اﻹتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية اﻷميريكي (بومبيو) بالرئيس ميشال
عون متطرقاً الى عدة مواضيع سياسية محلية . وبقي الرئيس سعد الحريري في الميدان وحيدا
، علما أنه في وضع لا يحسد عليه بعد أن بادر الى إعتبار نفسه مرشحا طبيعيا وفقد فرصة
أن يتم ترشيحه من قبل قوى أخرى ترى أن الساحة والوطن يحتاجان إليه . وكان يفترض ان
تبادر بعض القوى المنافسة التي بدأت تتعاطى مع ترشيحه كي لا يظهر في موقع المتهافت
على رئاسة الحكومة وحريص على العودة اليها، وهذا ما أضعف موقفه بلا أدنى شك.
صحيح أن المعركة تبدو دائرة بين جبران
باسيل وسعد الحريري ، ولكن التدقيق في المعطيات يفيد بأن الجميع مشاركون ومشتركون في
خوض غمار هذه المواجهة الملتهبة على المستويين الطائفي والسياسي . كيف ذلك ؟
- التيار الوطني الحر ورئيسه جبران
باسيل ما يزالان يسعيان الى إزالة ما أمكن من خسارات المسيحيين الناتجة عن الحرب الأهلية
وعما سلب من امتيازات مسيحية في إتفاق الطائف. والنضال هنا نضال مسيحي كياني يجب أن
تستجمع فيه القوى الفكرية والكنسية والسياسية ، وأن تستغل فيه كل التحالفات وفي مقدمة
هذه التحالفات ... التحالف مع حزب الله أولا وثانيا وثالثا ومن ثم رابعا التحالف الهش
مع حركة أمل الطرف الثاني في الثنائي الشيعي الشهير . وتأتي في مقدمة هذه الخسارات
التي ينبغي إزالتها ، تلك الصلاحيات المنزوعة من الرئاسة الأولى وذلك من خلال إستيلاد
أعراف دستورية جديدة تعزز موقع الرئيس ودوره.
- من جهة تيار المستقبل والرئيس سعد
الحريري فإنه مؤتمن على كل الصلاحيات التي منحت الى رئاسة الحكومة من ضمن اتفاق الطائف
. وقد باتت هذه الصلاحيات مهددة بفعل الهجمات المرتدة وغير المرتدة من قبل التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون وجبران باسيل
. وكان نادي رؤساء الحكومات السابقين خير من يستشعر بخطورة هذه التهديدات المشهودة
ويشاطره في هذا اﻹستشعار نقيضه السياسي المتمثل باللقاء التشاوري النيابي وبعض الشخصيات
السنية الأخرى . ويدرك الجميع هنا أن الأعراف الدستورية هي صنيعة الممارسة السياسية
التي تتم داخل أروقة الحكم اللبناني . وأن كل موقف سيقفه الحريري وهو الزعيم السياسي
الأول في لبنان سيسجل عليه وسيكون له دورا فاعلا في في تمرير أعراف دستورية مستحدثة
أو في التصدي لها وإسقاطها بالمضادات السياسية الأرضية المتاحة . وعلى سبيل المثال
فإن التاريخ السياسي سيسجل للرئيس رفيق الحريري في عام 1998 تصديه لتكريس عرف توكيل
كتل نيابية لرئيس الجمهورية أمر أصواتها في اﻹستشارات النيابية الملزمة.
- يبدو
وليد جنبلاط " إستشهاديا "في الدفاع عن مساحة بيضة القبان التي يحتلها الدروز
في المعادلة السياسية اللبنانية ، وهو مستعد لمخاصمة أي كان في سبيل الذود عن حياض
هذه المساحة الفاعلة التي تعطي الدروز حجما أكبر من حجمهم العددي مما يجعلهم أقلية
فاعلة في الميدان السياسي . ويخوض الزعيم الجنبلاطي في موازاة كل ذلك معركة الدفاع
عن قيادته لطائفة الموحدين الدروز في هذا الوطن الذي عرف عائلات درزية شتى...
- يبدو
الثنائي الشيعي غير عابىء بتأمين الدفاعات الطائفية اللبنانية الصعبة ، بعد أن تميز الدفاعية الوطنية المرتبطة بمقاومة
الإحتلال الصهيوني والنجاح في ذلك ، ما دفعه الى تطوير طموحات إقليمية شتى تجاوزت اللعبة
الطائفية المحدودبة في لبنان الجريح، وباتت مطالب الثنائي الشيعي لتحصين موقعه الطائفي
غير ذات بال ... بعد أن تبين أن حلفاءه بحاجة ماسة الى دعمه وتأييده المنطلق من وهج
قوته الجهادية التي يسميها الخصوم بفائض القوة.
نورد
هذه المعطيات عشية اﻹستشارات النيابية المهددة دوما بالتأجيل الى آجال أخرى لا نعلم
لها تاريخ أو جغرافيا