العدد 1431 / 7-10-2020
أيمن حجازي
خيم السكون على المشهد السياسي اللبناني منذ إعتذار
مصطفى أديب عبد الواحد عن تأليف الحكومة ، وران الصمت في الأروقة الرئاسية بعد أن أتجهت
الأنظار الى الحكم القضائي الذي أصدره الرئيس الفرنسي ماكرون وجرم فيه الساسة اللبنانيين
لعرقلتهم مهمة حكومة المهمة التي تطوع لتنفيذها السفير اللبناني في برلين الذي ما لبث
أن عاد أدراجه الى العاصمة الألمانية معلنا الوصول في تلك المهمة الى الحائط المسدود
. كما اتجهت الأنظار لاحقا الى الرد الذي تولاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله
وشاركت فيه حركة أمل ، وقد كانت حصيلة الردود الإبقاء على خيوط الإتصال والتواصل قائمين
بين ثنائي أمل - حزب الله والمبادرة الفرنسية التي انطلقت منذ السادس من آب الماضي.
وقد
تم تأكيد هذا التوجه من خلال انعقاد اللقاء الوداعي بين مسؤول العلاقات الخارجية في
حزب الله عمار الموسوي والسفير الفرنسي المغادر فوشية وذلك على مائدة غداء في حارة
حريك ما أكد حرص الجانبين على استمرار التباحث بينهما في ما يتعلق بالوضع على الساحة
اللبنانية . ويدفع في هذا الإتجاه أيضا الوضع الكارثي الذي تتجه اليه الحال الإقتصادية
والإجتماعية والحياتية في لبنان ، خصوصا على مشارف إزالة الدعم الممنوح الى المواطن
اللبناني في قطاع المحروقات واﻹتصالات والطبابة والأفران ما يهدد الأمن الإجتماعي في
مجمل الأراضي اللبنانية . ويرتب مخاطر كبرى أمنية وسياسية وإدارية قد تمس وحدة الكيان
اللبناني الذي أتم في الأول من أيلول الماضي
قرنه الأول . ويزيد من فداحة المشهد الكارثي اللبناني جائحة كورونا التي ارتدت في الآونة
الأخيرة إرتدادا عنيفا واتسعت حتى شملت عددا كبيرا من اللبنانيين في كافة المناطق
. ما دفع التأزم الإقتصادي الى مزيد من الحدة ورتب على الجهات المعنية مزيدا من المسؤولية.
وقد غاصت الجهات المعنية في الأزمة
اﻹقتصادية المشار ولم تخرج إلا باقتراح اعتماد البطاقة التموينية التي تذكرنا بالوضع
المأساوي للمواطنين في بعض الدول الإشتراكية التي كانت تعتمد هذه البطاقة في تأمين
الغذاء . وقد كان من المستغرب أن يصدر إقتراح البطاقة التموينية من حاكم مصرف لبنان
رياض سلامة
المفترض
أن يكون منتميا الى المدرسة الإقتصادية الرأسمالية . ويبشر معظم الإقتصاديين المحليين
والدوليين بالكارثة اللبنانية القادمة من جراء رفع الدعم على السلع الأساسية ، دون
أن يعني ذلك التخلي عن التصعيد السياسي المخيم على الساحة اللبنانية لإنقاذ ما يمكن
إنقاذه .
ويطفو
على السطح السياسي إصرار على تجاوز أعراف دستورية ، في مقابل فرض أعراف دستورية جديدة
. فقد اعتاد اللبنانيون خلال ممارستهم السياسية على أن تتم الدعوة الى إجراء الإستشارات
النيابية مباشرة بعد قبول استقالة رئيس الحكومة دون تأخير أو تأجيل . أما في عهد الرئيس
ميشال عون فان الإستشارات النيابية الملزمة بتت عرضة للتأجيل والمماطلة إفساحا في المجال
أمام ترتيب الأمور بما يؤدي الى مزيد من التحكم الرئاسي باختيار رئيس الحكومة المقبل
. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن فرض الشروط على الرئيس المكلف هو ثمرة من ثمار
تأجيل الإستشارات والمماطلة بإجرائها . حتى وصل الأمر في البعض الى أن يقول أن التكليف
والتأليف باتا يسبقان الإستشارات النيابية ، ما يشكل خرقا فاضحا لعرف دستوري جوهري
يصون حرية اختيار المجلس النيابي للرئيس المكلف .
ولن
يكون المواطن اللبناني مكترثا بهذا الخرق الواضح للعرف الدستوري طالما أن لقمة عيشه
مخروقة وعملته الوطنية منحورة ومصيره الكياني مهدد بكل أنواع التدخلات الأجنبية المؤسفة.