العدد 1654 /5-3-2025

الأعذار في الصوم أنواع ولكل منها حُكمه

صيام المسافر: من الرخص التي شرعها الإسلام للمسافر رخصة الفطر في الصيام، وهي ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع.. ففي القرآن قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: 185).. ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكمْ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِيْنَ يُطِيْقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِيْنٍ﴾ (البقرة: 183).

وجاءت السنة فأكدت هذا الحكم قولاً وعملاً وتقريرًا.. ففي الصحيحين: عن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي- صلى الله عليه وسلم-: أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام فقال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر".

فلم يَعِب الصائمُ على المفطر، ولا المفطر على الصائم.. وأجمعت الأمة بكل مذاهبها على شرعية الفطر للمسافر.

صيام المريض

قال تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيْضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: 185).. فالمرض الموجِب للرخصة هو الذي يسبب للصائم مشقةً وألمًا، أو يكون الصيام سببًا لزيادته، أو تأخرًا شفائه منه، ويعرف ذلك بغلبة الظن، فهي كافية في الأحكام العملية، وغلبة الظن تُعرف هنا بأمرين: إما بالتجربة أو بإخبار طبيب مسلم، ثقة في دينه، ثقة في طبه.

الحائض والنفساء

ويشترط لوجوب الصوم على الفور بالنسبة للمرأة الطهارة من الحيض والنفاس، فأما الحائض والنفساء، فلا يجب عليهما الصوم في الحال؛ لأنه لا يصح منهما حتى تطُهرا، وإنما حرم عليهما الصوم رفقًا بهما، ورعايةً لحالتهما البدنية والعصبية، ولم يجعل ذلك رخصةً، مبالغةً في الحرص على صحتهما الجسمية والنفسية، فإذا صامت الحائض أو النفساء فقد ارتكبت حرامًا، ولم يجزئها الصوم، وعليها القضاء ولا بد.

الحامل والمرضع

والمرأة في حالة الحمل قد تخاف على نفسها من مشقة الصوم، وقد تخاف على حملها في بطنها الذي أصبح جزءًا منها، فغذاؤه منها، وبقاؤه بها، أو تخاف عليهما معًا، وهي في حالة الرضاع أيضًا قد تخاف على نفسها أو على رضيعها أو على الاثنين جميعًا.. فما الحكم في مختلف هذه الحالات؟

لقد أجمع الفقهاء على أن من حق كل منهما (الحامل والمرضع) أن تفطر في كل هذه الأحوال، ومعظم الفقهاء عاملوا كلتيهما معاملة المريض وقالوا: تفطران وتقضيان، وذهب بعضهم إلى أن عليهما الفدية، أي الإطعام، ولا قضاء عليهما، والراجح هو الرأي الثاني في شأن المرأة التي يتوالى عليها الحمل والإرضاع، وتكاد تكون في رمضان إما حاملاً وإما مرضعة.. أما المرأة التي تتباعد فترات حملها، فالأرجح أن تقضي كما هو رأي الجمهور.