آمال الهلالي
استغلت قيادات حزبية معارضة ونخب فكرية تجاهر بعدائها لحركة النهضة، وصف السبسي للغنوشي بـ«المرشد»، وأثار استخدام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي لصفة «المرشد» خلال حديثه عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في حوار تلفزيوني، موجة من الجدل بصفوف بعض قياديي النهضة.
وقال السبسي رداً على سؤال توجه به صحفي بقناة «نسمة» الخاصة، حول علاقته بالنهضة وبالنصيحة التي يمكن أن يوجهها إلى حليفه في الحكم: «لا أستطيع أن أنصحهم، فلهم هياكلهم ورئيسهم حتى لا أقول المرشد».
بدوره، اعتبر عضو مجلس شورى حركة النهضة زبير الشهودي في تصريح صحفي أن استخدام الرئيس لمصطلح «المرشد» خلال حديثه عن الشيخ راضد الغنوشي لم يكن موفقاً، مرجحاً في الوقت ذاته أن «تكون مجرد زلة لسان غير مقصودة، وتم تأويلها من قبل معارضي النهضة».
وتابع الشهودي قائلاً: «لطالما أعطت النهضة لرئيس الجمهورية إشارات بأنه جامع لكل التونسيين، لكن يبدو أنه في هذا الخطاب كان أكثر انحيازاً للأفراد والأشخاص»، داعياً السبسي إلى عدم تكرار مثل هذه «الزلات». واعتبر أن «العودة لمربع التجاذبات الإيديولوجية وأسطوانة الإسلام السياسي عفى عنها الزمن»، مضيفاً أنه «ينصح مستشاري الرئيس أن يقرأوا جيداً ما أفرزته نتائج الانتخابات البلدية، التي أعطت رسالة للجميع بانتهاء مرحلة الكل ضد النهضة».
القيادي في النهضة شدد على أن الحركة أثبتت من خلال البرامج والممارسة السياسية، تحولها إلى حزب مدني ديمقراطي يحترم الدستور والقوانين.
وليست المرة الأولى التي يشير فيها السبسي للمرجعية الإيديولوجية للنهضة، والتوجس من مشروعها المجتمعي، حتى بعد إعلانها التحول لحزب مدني وفصلها بين الدعوي والسياسي خلال مؤتمرها العاشر في أيار 2016.
وكان السبسي قد أشار في حوار سابق لصحيفة «الصحافة» التونسية في 6 أيلول 2017، إلى أن تحالفه مع النهضة فرضته نتائج الانتخابات التي لم تمكن حزبه من الأغلبية، مردفاً قوله: «حاولنا جلب النهضة لخانة المدنية، لكن يبدو أننا أخطأنا التقييم».
وعبر في الحوار ذاته عمّا سمّاه «توجس البعض من الاندماج في المشروع الحضاري التونسي الذي يتحرك على أرضية مشتركة هي النظام الجمهوري والدولة المدنية الحداثية والمجتمع المفتوح»، في إشارة إلى حركة النهضة.
من جانبه، أكد المحلل السياسي سامي براهم أن استخدام السبسي لوصف «المرشد» كان مقصوداً وبعيداً عن العفوية أو زلة اللسان.
وأضاف براهم أن «الرئيس أراد أن يذكر النهضة بأنها لا تزال تحتاج شهادة منه لإثبات صفتها المدنية».
واعتبر أن «موقف النهضة من بقاء «الشاهد» وتمسكه به لا يحظى بإجماع داخل الحركة، بل فرضه الشيخ بسلطته المعنوية، وهو أمر استغله السبسي للتحريض على الغنوشي من الداخل وإظهاره بصفة المرشد، من خلال استخدام صلاحيته المعنوية لفرض قراره». وكانت النهضة قد أصدرت بياناً مساء الاثنين، جددت خلاله تمسكها ببقاء يوسف الشاهد على رأس الحكومة، داعية إياه إلى التزام عدم الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2019 ومواصلة حكومته الإصلاحات الاقتصادية التي التزمت تنفيذها عملاً بمخرجات «وثيقة قرطاج2».
واستغلت قيادات حزبية معارضة ونخب فكرية تجاهر بعدائها للنهضة، وصف السبسي للغنوشي بـ«المرشد» لتهاجم الحركة وتعود لدائرة الصراع الإيديولوجي.
ووجهت القيادية السابقة في حزب التجمع الدستوري المنحل، ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى، في تدوينة لها رسالة لوم لرئيس الجمهورية، قائلة: «سيدي الرئيس يا أقدم دستوري، تعرف أن حليفك (مرشد)، ومع ذلك تتركه يرتع في البلاد وينفذ مخطط الإخوان؟ المعذرة لن نقبل ذلك مهما بررتم». فيما علق المدون مختار الرياحي ساخراً من الوصف الذي أطلقه السبسي على الغنوشي بالقول: «اكتشفت أخيراً أن الباجي المرشد الأعلى للتجمع واليسار والعلمانيين والملحدين والماسونيين، لذلك انتخبوه».}