العدد 1646 /8-1-2025
د. وائل نجم

يتطلّع اللبنانيون إلى جلسة مجلس النوّاب المقرّرة يوم التاسع من كانون الثاني الجاري والمخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ وشغور في سدّة الرئاسية دخل عامه الثالث، وبعد إفشال قرابة 12 جلسة للانتخاب عبر الانسحاب من الجلسات وإفقادها النصاب القانوني وبالتالي استمرار الفراغ.

لا شيء يوحي بأنّ الجلسة المقرّرة الخميس ستيكون مصيرها مصير الجلسات السابقة، وكذلك لا شيء يشي أنّها ستفضي إلى انتخاب رئيس أيضاً. الأجواء المحيطة بالجلسة والتي تسبقها ضبابية وغير واضحة، لا بخصوص مصير الجلسة وإمكانية الانسحاب منها وبالتالي إسقاط نصابها القانوني، ولا لناحية الشخصية التي يمكن أن تكون في نهايتها الرئيس العتيد المنتظر.

لا شيء قطعي حتى الساعة بالنسبة للقوى السياسية المحلية والكتل النيابية التابعة لها، أمّا بالنسبة للقوى الدولية التي دخلت على خط الوساطة من أجل المساعدة، والتي لا تظهر على أنّها تتدخّل في الشأن الرئاسي اللبناني، غير أنّه من الواضح أنّ بعضها يريد قائد الجيش جوزيف عون رئيساً، وبعضها يريد مدير عام الأمن العام إلياس البيسري رئيساً، وبعضها لا يريد الاثنين إنّما يرغب في إيصال شخصية مدنية من دون أن يفصح عن ذلك، بينما تريد قوى إقليمية أخرى خارج دول الوساطة سليمان فرنجية رئيساً.

بالنسبة للكتل النيابية فهي في حيرة من أمرها، تقول شيئاً وتريد شيئاً مختلفاً. رئيس المجلس النيابي وكتلتته النيابية يقول إنّه يريد سليمان فرنجية ولكنه لا يمانع وصول قائد الجيش غير أنّه يقول إنّ وصوله إلى سدّة الرئاسية يحتاج إلى تعديل دستوري. كتلة الوفاء للمقاومة تريد فرنجية ولا تضع فيتو على قائد الجيش ولكّنها لا تسهّل وصوله. وكذلك القوات اللبنانية لا تمانع وصول قائد الجيش غير أنّها تخفي رفضها بطلب ترشيحه وموافقة الثنائي الشيعي عليه. وحده التيار الوطني الحر، أو ما بقي منه كتلته يرفضون انتخاب قائد الجيش.

الأسماء الأخرى المطروحة أقل فرصة بالوصول ولكنّ ذلك لا يعني انعدامها. فاللواء إلياس البيسري يحظى بموافقة الثنائي الشيعي المضمر، وكذكك التيار الوطني الحر، ولكنه لا يحظى بموافقة القوات وقوى أخرى. وهو يحتاج وفق رأي دستوري إلى 86 صوتاً تماماً كقائد الجيش العماد جوزيف عون، فيما يرى رأي دستوري آخر أنّه بحاجة إلى 65 صوتاً، ويبدو من السهل تأمينها فيما لو انعدت فرص قائد الجيش بشكل نهائي.

هناك أسماء أخرى لها فرصة موازية ومكافئة لفرصة البيسري كما في ترشيح جهاد أزعور ونعمة افرام أو غيرهما، وفرص هذه الأسماء المطروحة تتوقف على مسار الجلسة واتجاهات الكتل النيابية فيها في ربع الساعة الأخير.

الشيء الثابت حتى الآن أنّ المسألة الأولى تتصل بالمحافظة على نصاب الجلسة إذا لم يصار إلى انتخاب رئيس من الدورة الأولى، فعندها يمكن انتخاب رئيس في الدورة الثانية بـ 65 صوتاً.

الأمر الثاني يتصل بحصول قائد الجيش العماد جوزيف عون على 86 صوتاً في الجلسة الأولى ليصبح رئيساً وهذا يتوقف على اتفاق كتلة الرئيس برّي ومعها كتلة حزب الله على ترشيح عون وموافقة القوات على ذلك حيث اشترطت هذا الأمر لدعمه وفق بيان رسمي وألقت بذلك الكرة في ملعب كتلتي أمل وحزب الله. وفي حال لم يتمّ ذلك فإن حظوظ القائد بالرئاسية تتراجع بشكل كبير جداً.

الأمر الثالث إذا ما ذهبت الأمور إلى الدورة الثانية لانتخاب رئيس فإنّ فرص أزعور والبيسري وافرام تكاد تكون متوازية، وتتوقف على تصويت الكتل الرمادية. أمّا في حال قرّرت بعض الكتل الانسحاب من الجلسة وإسقاط نصابها القانوني كما في المرّات السابقة، فإنّ الأمر عندها سيكون مختلفاً وسندخل في أتون تواصل الفراغ، ولكن هذه المرّة قد تكون القوى المعطلّة للانتخاب غير تلك التي عطّلت الانتخاب طيلة الفترة الماضية.

المجلس النيابي والكتل النيابية يوم الخميس على المحك، فإمّا أن تسير العملية الانتخابية واللعبة الديمقراطية وفق المجرى الطبيعي لكل عملية ديمقراطية انتخبابية، وإمّا أن يتواصل الفراغ ومعه الانهيار ومعه يدخل الوطن في أتون المجهول الذي قد يكون من نتائجه فقدان الكيان اللبناني.

د. وائل نجم