العدد 1693 /10-12-2025
د. وائل نجم
أقام السوريون شعباً وحكومة احتفالات
النصر والتحرير لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لإسقاط النظام البائد وتحرير سوريا
منه، وذلك من خلال العروضات العسكرية الضخمة التي نظمّتها وزارة الدفاع السورية،
والمهرجانات والاحتفالات الشعبية التي ملأت الساحات العامة في معظم المدن السورية،
والحفل المركزي الرسمي الذي نظّمته الحكومة في قصر المؤتمرات بالعاصمة دمشق وحضره
أركان الدولة وضيوفها، وتميّز بالدقّة والتنظيم والرسائل الوجدانية والسياسية.
عام على تحرير سوريا من النظام البائد انتقلت فيه سوريا من ضفّة إلى أخرى،
واختلفت فيها الأجواء وتغيّرت حيث أُشيعت في هذا العام أجواء الحريّة التي خرج
السوريون من أجلها والتي حرمهم منها النظام البائد طيلة أكثر من خمسة عقود من
الزمن. عام تنفّس فيه السوريون نسيم الحريّة وعبيرها، وانصرفت فيه القيادة الجديدة
لترميم وتأهيل ما أفسده النظام البائد، لاستعادة سوريا دورها وحضورها الطبيعي على
المسرحين العربي والدولي. عام واجهت فيه سوريا حكومة وشعباً تحدّيات كبيرة وهائلة
وما تزال، من الفوضى التي حاول فلول النظام البائد إشعالها في منطقة الساحل
وأفشلها الشعب السوري وقيادته؛ إلى محاولات التمرّد وانتزاع قسم من سوريا لإلحاقها
بكيان الاحتلال الإسرائيلي، والتي قام بها بعض الخونة في منطقة السويداء وقد
أفشلها أيضاً الشعب السوري وقيادته؛ إلى استمرار محاولات الانسلاخ عن سوريا التي
ما يزال بعض المرتبطين بالخارج وأصحاب المشاريع الوهمية يمارسونها في شرق الفرات،
وما زالت القيادة مدعومة من الشعب تعمل على استيعابها وقطع الطريق عليها.
احتفل السوريون في الذكرى الأولى لانتصار
ثورتهم وأقاموا الاحتفالات الحاشدة والمليونية في معظم المدن السورية، من دمشق
العاصمة التي غصّت فيها ساحة الأمويين بأعداد المحتفلين وبلغت مئات الآلاف، إلى
حلب في شمال سوريا التي كانت على العهد، مروراً بإدلب حماه وعاصمة الثورة حمص
العدية، إلى اللاذقية وطرطوس وجبلة، وصولاً إلى دير الزور ومهد الثورة درعا
الأبية. خرج السوريون يؤكّدون تمسّكهم بثورتهم وما أنجزته، يصطفّون خلف قيادتهم
صفّاً واحداً وبنياناً مرصوصاً، وبعثوا برسائلهم الميدانية التي تؤكّد أنّ المهج
والأرواح دون هذه الثورة ودون سوريا الجديدة والحديثة.
احتفلت وزارة الدفاع على طريقتها، وأظهرت
بأس أولئك المجاهدين واستعدادهم الدائم للدفاع عن سوريا وأهلها، وما أنجزوه من
استعداد وعدّة في هذا السبيل. قطاعات واسعة من الجيش العربي السوري الجديد، كتائب
كثيرة، وأعداد كثيفة من الجنود والشباب الذين ردّدوا هتافات النصر والاستعداد
للتضحية، وبعثوا برسائلهم إلى الداخل والخارج، إلى الداخل يقولون: إنهم حماة
الديار الحقيقيين؛ وإلى الخارج يقولون: إنّهم قادمون.
أمّا في قصر المؤتمرات فقد قدّم الرئيس
أمام الشعب السوري جردة حساب عن عام كامل من التحدّيات والانجازات والتطلعات، وعد
فوفى، وأكّد على أنّ سوريا وطن واحد لشعب واحد رافضاً بذلك صيغ التقسيم والفدرلة
والرهانات الخارجية. أكّد على أنّ سوريا عادت إلى الحضن العربي وعاد إليها. طمأن
واحتضن وشجّع وكان حازماً حاسماً فيما قال وفيما قصد.
سوريا حكومة وشعباً وبعد عام على التحرير والحريّة قالت مرّة ثانية إنّها
ما زالت كما لو أنّها في اليوم الأول لثورتها، ماضية نحو تحقيق أهدافها
واستقلالها، وترسيخ قيم الحريّة والعدالة لأبنائها، وسنداً متيناً لأمتها على
الرغم من الجراح التي ما زالت تعانيها.
د. وائل نجم