العدد 1682 /24-9-2025
د. وائل نجم

أكثر من مئة وأربعين دولة في العالم اعترفت بالدولة الفلسطينية بعضها تُعتبر حليفة للولايات المتحدة الأمريكية ومن أبرزها فرنسا وبريطانيا وكندا في رسالة واضحة واعتراض واضح لكيان الاحتلال الإسرائيلي وسياساته في فلسطين وتجاه المنطقة، ورفضاً لسياسات التهجير و"التطهير العرقي" والبلطجة السياسية التي يمارسها الاحتلال.

في موازاة هذا الاعتراف على الرغم من الرفض الأمريكي له حيث مُنع رئيس السلطة الفلسطينية من الحضور إلى الأمم المتحدة لإلقاء كلمة فلسطين أمام الجمعية العامة، ازدادت عزلة كيان الاحتلال على المستوى العالمي حيث تبدّى وظهر ذلك بشكل واضح عندما انسحبت معظم الوفود العالمية من قاعة الأمم المتحدة عندما اعتلى رئيس وزراء كيان الاحتلال المدان أمام محكمة الجنايات الدولة بتهم ارتكاب مجازر حرب وإبادة جماعية، بنيامين نتنياهو، عندما اعتلى المنصّة لإلقاء كلمة كيانه.

من الواضح أنّ العالم ضاق ذرعاً بتصرّفات كيان الاحتلال، ربما ليس تضامناً مع الشعب الفلسطيني ولا حبّاً به، ولا اعترافاً بحقوقه، خاصة تلك الدول المعروفة بأطماعها وماضيه وتاريخها القائم على الاحتلال والتحكّم بمصير المنطقة، ولكن هذا العالم ضاق ذرعاً بكيان الاحتلال لأنّه رأى في سياساته وأطماعه وخططه ما يُفسد على تلك الدولة وذاك العالم برامجه وأطماعه وخططه؛ ضاق ذرعاً لأنّ كيان الاحتلال راح يفكّر بالتوسّع لإقامة "إسرائيل الكبرى" التي إذا ما تمكّن من إقامتها فستتحكّم بمصير الكثير من الدول من خلال التحكّم بمصير جزء كبير من النفط والغاز فضلاً عن الممرات البحرية والجوية والبرّية التي تتحكّم بدورها بطرق التجارة الدولية. وربما ليس مهمّاً الخلفية التي جعلت الكثير من دول العالم تندفع للاعتراف بدولة فلسطين، وبالطبع لكلّ منها دوافعه وليس هناك دافع واحد للجميع، ولكنّ المهمّ أنّ هذا الاعتراف أعطى قوّة دفع للقضية الفلسطينية، ووسّع العزلة الدولية التي بدأت تُفرض على كيان الاحتلال، وأكّد أنّ حلم "إسرائيل الكبرى" غير قابل للتحقّق، أو على أقلّ تقدير دونه عقبات وصعوبات كثيرة وكبيرة.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعني في علم السياسة أنّ فلسطين هي أرض وشعب ونظام، وهذا يعني رفض سياسات كيان الاحتلال ورفض عمليات الضمّ التي يقوم بها أو يخطط لها في الضفة الغربية أو القدس لأنّها جزء من أرض الدولة الفلسطينية. الاعتراف بالدولة الفلسطينية يفتح الطريق لحلّ يقوم على أساس حلّ الدولتين الذي اقترحته الدول العربية في العام 2002 في قمّة بيروت. غير أنّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية دون إرفاق ذلك بإجراءات دولية عالمية لحماية هذا الاعتراف أو لتجسيده فعلياً على أرض الواقع يبقى ناقصاً ويبقى دون طموحات الشعب الفلسطيني بل كل الشعوب الطامحة للحرية والمساندة والمؤيدة لها، وبالتالي فإنّ غياب الإجراءات الرادعة للاحتلال، والداعمة لإقامة الدولة الفلسطينية سيتيح للاحتلال الاستمرار في جرائمه ومضيه في توسيع نفوذه على حساب دول المنطقة وعلى حساب القوانين الدولية وهذا بدوره ما قد يؤسّس لنزاعات وحروب جديدة لا تنتهي فصولاً.

د. وائل نجم