د. وائل نجم قديماً قيل : "يا ربّ اعطني وقت ضيق حتى أعرف العدو من الصديق". كان هذا القول وترجمته العملية بمثابة مختبر لمعرفة الأصدقاء من الخصوم والأعداء، فالأصدقاء لا يتخلّون ولا ينهزمون لمصالحهم الخاصة، بل يظهرون صداقتهم ووفاءهم في أحلك الأوقات وأدقّها، أمّا الأعداء فإنّهم يستغلّون لحظة الضعف والضيق ليظهروا وجههم القبيح وحقيقتهم المخفيّة، ويكشّرون عن أنيابهم ويكشفون نواياهم الحقيقية تجاه من كان يظنّهم أصدقاء أو مقرّبين. واقع الحال في سورية ولبنان خلال الأيام الأخيرة كشف حقيقة البعض وأظهر الوجه الحقيقي لهم عندما أدخلوا أنفسهم في مختبر معرفة الأصدقاء من الأعداء. الشعب السوري الذي عانى الأمرّين خلال العقدين الأخيرين ودفع فاتورة باهظة الثمن من أجل أن يتحرّر من نظام طاغٍ مستبد، ومن أجل أن يقيم دولة حقيقية لكلّ السوريين، ومن أجل أن يحافظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وحضارة، اكتشف أنّ هناك من لا يريد لسورية أن تكون واحدة، ولا أن تكون قوية، ولا أن تكون لكلّ السوريين، ولا أن تنعم بالأمن والاستقرار، ولا أن يكون فيها دولة ونظام ومؤسسات؛ اكتشف الشعب السوري أنّ هناك من يريد أن يبني أمجاده على حسابهم، ومصالحه الخاصة الضيّقة حتى على حساب الذين يتحدّث باسمهم ويدّعي العمل لتأمين مصالحهم؛ اكتشف الشعب السوري أنّ لدى البعض، ممن يدّعون زوراً الانتماء إلى سورية، مشاريع مشبوهة ونوايا مبيّتة تريد تقسيم سورية خدمة لأجندات خارجية وطمعاً ببعض المال والمنصب، أو ربما جراء حقد دفين في صدورهم أظهروه في هذه اللحظة التاريخية. أحداث محافظة السويداء في سورية كشفت أنّ بعض المتزّعمين الذين صادروا قرار المحافظة في لحظة ضعف أو ربما في سياق خطة أعدّت سلفاً، لم يعودوا يخفون نواياهم وأجنداتهم التي جاهروا بها بطلب الحماية الدولية وهي تعني بالدرجة الأولى طلب الحماية من عدو الأمّة التاريخي كيان الاحتلال الإسرائيلي، من أجل التفرّد بالمحافظة والتحكّم بمصير أهلها ومستقبلهم، ومن أجل أن تكون الخطوة الأولى في مشروع تقسيم سورية، وتالياً المنطقة كلّها، وهو مشروع إسرائيلي صهيوني بامتياز. لقد كشفت أحداث السويداء أنّ هذا البعض لا ينتمي إلى العروبة ولا يمت لها بصلة، وربما لا يمتّ إلى السويداء بصلة لأنّ أهلها وأبناءها المعروفيين معروفون بانتمائهم العروبي الخالص والصادق للعروبة والإسلام، وهم متمسّكون بتاريخهم الناصع الذي سجّل دورهم في مقارعة حملات الفرنجة التي أرادت النيل من هذا الشرق العربي الإسلامي. على مدى بضعة أشهر بعد إسقاط النظام المخلوع في كانون الأول من العام 2024، رفض أصحاب المشاريع المشبوهة كلّ الصيغ التي ترمي إلى بناء سورية من جديد. رفضوا الحوار، ورفضوا الدستور، ورفضوا الانضمام لمؤسسات الدولة، ورفضوا دخول قوات الأمن إلى المحافظة، ورفضوا كل الاقتراحات التي تقدّمت بها الحكومة من أجل أن تكون المحافظة كبقية المحافظات السورية الأخرى، بل أكثر من ذلك اتهموا الحكومة بالإرهاب، وقوات الأمن والجيش بالميليشيات، ومنعوا المحافظ من القيام بدوره، وأثاروا الناس على الحكومة على اعتبار أنّها مقصّرة في تأمين المستلزمات الأساسية للعيش الكريم وهم يدركون أنّ الحكومة ورثت من النظام المخلوع أرضاً محروقة، ومارسوا البلطجة و"الإرهاب" على كلّ من رفض ممارساتهم من أبناء المحافظة، ونشروا الفوضى فيها، ودخلوا في فتنة هوجاء أخيراً مع شركائهم من أبناء المحافظة من المكوّنات الأخرى، وعندما تدخّلت الدولة بمؤسساتها الأمنية والشرطية لوضع حدّ لحالة الفوضى وإنهاء الاقتتال الذي أزهق أرواح العشرات من أبناء المحافظة، اتهموا الجيش وقوى الأمن الداخلي بارتكاب الجرائم، وجاهروا بطلب الحماية الدولية، وهي في الحقيقة طلب التدخّل الإسرائيلي، حيث لبّتهم طائرات الاحتلال وقصفت منتسبي الجيش وقوى الأمن فارتقى منها الشهداء. أليس هناك أوضح من حقيقة هؤلاء الذين لا يريدون خيراً لسورية وشعبها؟! لقد كشف هؤلاء عن وجوههم الحقيقية وعن نواياهم الخبيثة في خدمة أعداء الأمّة والوطن. أمّا في لبنان فإنّ اللحظة كشفت أيضاً عن حقيقة البعض ممن جاهر بطلب المساعدة من الاحتلال، وممن حرّض على الفتنة، وممن تاجر على مدى السنين الماضية وراح يتقلّب من مكان إلى مكان حتى استقرّ هذه المرّة في أحضان قذرة معروفة. هذا البعض لا يدرك أنّه يجرّ لبنان بمواقفه وعنترياته الجوفاء ومراهناته المفضوحة إلى مستنقع الفتنة الذي لا يريده أحدّ، ولا يخدم أحداً سوى الاحتلال ونواياها. هذا البعض ارتضى أن يكون بندقية مؤجّرة مقابل الكسب المالي حتى لو كان على حساب دماء "رفاق السلاح". بيروت في 16/7/2025
في الجولة الأخيرة من الإنتخابات البلدية في بيروت والبقاع برز موضوع الديموغرافية الضاغط في موازين الخارطة [...]
جرت المرحلة الأولى من الإنتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان ، وتشكلت الحصيلة السياسية التي سعت اليها [...]
في خارطة الإنقسامات اللبنانية ، يبدو المشهد محيرا وملتبسا في كثير من الأحيان . حيث يلاحظ أن التعارض والإختلاف [...]
بخطى متثاقلة يسير الحكم اللبناني المطوق بالأزمات المتنوعة ، ويسعى من أجل إثبات قدرته على إنتشال البلد [...]
تكثفت في الأسبوع الأخير تحركات أركان الحكم اللبناني المتجهة نحو العمق العربي ، فكانت محطة الرئيس جوزيف [...]