د. وائل نجم عندما انتُخب الرئيس جوزيف عون رئيساً للجمهورية استبشر اللبنانيون خيراً وظنّوا أنّ رحلة خروج من الأزمة التي عضفت بهم خلال السنوات الماضية قد بدأت فعلاً، خاصة وأنّ خطاب القسم كان واعداً لناحية الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية والقضاء وكلّ شيء، غير أنّ رياح الواقع لم تكن موافقة لتوجهات العهد، وبالتالي بدأت مرحلة جديدة من المراوحة في ظلّ تداخل الأمور والمواقف والمصالح والأهواء والتحدّيات. تجاوز العهد مسألة انتخاب أول حكومة وكان ذلك بمثابة الانجاز الأول، غير أنّ هذه الحكومة التي استبشر الناس بها خيراً أيضاً بدأ عملها يتعثّر وبدأت تواجه أزمات كثيرة تحتاج إلى حلول وهي بيعدة المنال، ولعلّ التحدّي الأول الذي كان وما زال ينتظر الحكومة هو تحدّي الانتخابات النيابية المقبلة، وهي لم تفلح حتى الآن في إحداث أيّ تعديل في قانون الانتخاب يعيد له بعضاً من التوازن، ويؤمّن بعضاً من عدالة التمثيل المفقودة، والتي يعترف بها الجميع، هذا فضلاً عن الإخفاق في حلّ الأزمة الاقتصادية ومسألة منع الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة والحفاظ على السيادة، وغيرها. مسألة السلاح وهو الموضوع الساخن الذي يجري البحث فيه والمفاوضات حوله مع المبعوث الأمريكي الخاص، وقد أخفقت كلّ المحاولات للتوصّل إلى اتفاق بخصوص السلاح سواء لناحية سحبه وتسليمه كما يطالب بذلك المبعوث الأمريكي وهو مطلب إسرائيلي، أو كما يطالب بعض اللبنانيين لحصره بيد الدولة على قاعدة امتلاك الدولة لقرار الحرب والسلم؛ أو لناحية وضع استراتيجة للأمن الوطني تأخذ بالاعتبار تجربة "المقاومات" على تنوّعها وتعدّدها بحيث يتمّ الإفادة من سلاح المقاومات وخبرتها وتجربتها ويكون ذلك في كنف الدولة وفي ظلّها. ما زال الجدل حول السلاح قائماً كما لو أنّ لبنان لم يمرّ في تجربة خلال الحرب الأخيرة ونتائجها، وهو بحدّ ذاته ما يهدّد مستقبل البلد وينهي الحلم بإقامة دولة حقيقية يتساوى فيها المواطنون وتحفظ فيها السيادة ويتم عبرها الدفاع عن لبنان بوجه أيّ مخطط طامع بخيراته وثرواته وأرضه. والجدل حول هذه النقطة وهذا الملف قد يجعل لبنان يضيّع فرصة مهمّة وحقيقية للخروج من أزمة من أعقد الأزمات وتشكّل خطراً وجودياً على مستقبله. ثمّ هناك مسألة القضاء والعدالة. استبشر الناس خيراً في الحديث عن استقلالية القضاء ودوره في إرساء العدالة وتأمين حقوق الناس، غير أنّ شيئاً لم يتغيّر عن السابق، ما زالت وثائق الاتصال حاضرة وتقود المواطنين إلى السجون على الرغم من حديث رئيس الحكومة عن وقفها ووقف العمل بها. إطلاق سراح الموقوفين دون محاكمات، خاصة الموقوفين الإسلاميين الذين مضى على توقيف بعضهم أكثر من عشر سنوات من دون محاكمة، كيف سيؤمن هؤلاء بعدالة القضاء وكيف سيثقون بالدولة؟ خاصة وأنّ الممارسة التي كانت قائمة سابقاً ما زالت مستمرة، فهناك من تمّ توقيفهم على أبسط الأشياء، بل ربما أحياناً على الشبهة، أو ربماً انتقاماً منهم لدور ما لهم في مرحلة سابقة، فيما يطلق غيرهم أبواق الفتنة التي تهدّد السلم الأهلي والأمن الاجتماعي ولكن مع ذلك لا تتمّ مساءلتهم أو محاسبتهم على ما يبدر منهم ويهدّد الوطن وأمنه. للأسف على مستوى القضاء وتأمين العدالة لكلّ اللبنانيين ما زال غائباً، وهذا بدوره يهدّد الحكومة والعهد والدولة، وهناك ما يستغلّ هذا الملف لإثارة مخاوف بعض المكوّنات اللبنانية من أجل إعادة إثارة تحالفات لا تخدم سوى كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى تقسيم المنطقة وإثارة الفتن فيها بحيث يصبح سيّدها المطلق على الجميع. وعلى سيرة إثارة المخاوف والهواجس يبدو أنّ البعض ممن يتقن هذه اللعبة عاد إليها من جديد علّها توقظ هواجس ومخاوف متوّهمة لدى البعض فقط من أجل النجاة من استحقاقات باتت داهمة ومُلّحة. ننتظر الحلول لعلّ ذلك يُخرج الوطن من أزماته، ولكن يبدو أن الأمور بدأت تعود إلى المربع الأول بفعل حسابات خاصة وفئوية من دون أيّ اعتبار لمصلحة الوطن ومكوّناته، ويبدو أنّ هناك من لا يريد الحلول، بل يريد استمرار الأزمة حتى ولو كان الأمر على حساب الوطن ولحساب أعدائه المتربّصين به سوءاً على الحدود. بيروت في 30/7/2025
في الجولة الأخيرة من الإنتخابات البلدية في بيروت والبقاع برز موضوع الديموغرافية الضاغط في موازين الخارطة [...]
جرت المرحلة الأولى من الإنتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان ، وتشكلت الحصيلة السياسية التي سعت اليها [...]
في خارطة الإنقسامات اللبنانية ، يبدو المشهد محيرا وملتبسا في كثير من الأحيان . حيث يلاحظ أن التعارض والإختلاف [...]
بخطى متثاقلة يسير الحكم اللبناني المطوق بالأزمات المتنوعة ، ويسعى من أجل إثبات قدرته على إنتشال البلد [...]
تكثفت في الأسبوع الأخير تحركات أركان الحكم اللبناني المتجهة نحو العمق العربي ، فكانت محطة الرئيس جوزيف [...]